تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢١٢
وأنه أوتى بمال من مهور البغايا فقال عليه السلام ارفعوه حتى يجئ عطاء غني وباهلة. فقال النظام لم خص بهذا غنيا وباهلة؟ فان كانوا مؤمنين فمن عداهم من المؤمنين كهم في جواز تناول هذا المال وان كانوا غير مؤمنين فكيف يأخذون العطاء مع المؤمنين؟ قال وذلك المال وإن كان من مهور البغايا أو بيع لحم الخنازير بعد أن تملكه الكفار ثم يبيحه الله على المؤمنين فهو حلال طيب للمؤمنين.
(الجواب): إنا قد بينا قبل هذا الموضع أنه لا يعترض على أمير المؤمنين عليه السلام في أحكام الشريعة ويطمع فيه من عثرة أو زلة إلا معاند لا يعرف قدره، ومن شهد له النبي (صلى الله عليه وآله) بأنه أقضى الأمة وان الحق معه كيف ما دار، وضرب بيده على صدره وقال: اللهم أهد قلبه وثبت لسانه لما بعثه إلى اليمن حتى قال أمير المؤمنين (عليه السلام) فما شككت في قضاء بين اثنين. وقال النبي فيه: " انا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب " لا يجوز أن يعترض أحكامه عليه السلام، ولا يظن بها إلا الصحة والسداد. وأعجب من هذا كله الطعن على هذه الأحكام وأشباهها بأنها خلاف الاجماع وأي إجماع ليت شعري يكون وأمير المؤمنين عليه السلام خارج منه ولا أحد من الصحابة الذين لهم في الاحكام مذاهب وفتاوى وقيام، إلا وقد تفرد بشئ لم يكن له عليه موافق، وما عد مذهبه خروجا عن الاجماع ولولا التطويل لذكرنا شرح هذه الجملة ومعرفتها وظهورها بغنينا عن تكلف ذلك ولو كان للطعن على أمير المؤمنين عليه السلام في هذه الأحكام مجال وله وجه لكان أعداؤه من بني أمية والمتقربين إليهم من شيعتهم بذلك أخبر وإليه اسبق، وكانوا يعيبونه عليه ويدخلونه في جملة مثالبهم ومعايبهم التي تمحلوها، ولما تركوا ذلك حتى يستدركه النظام بعد السنين الطويلة وفى أضرابهم عن ذلك دليل على أنه لا مطعن بذلك ولا معاب.
وبعد، فكل شئ فعله أمير المؤمنين (عليه السلام) من هذه الأحكام
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست