تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٢٣
(عليه السلام) حجر بن عدي الكندي (1) لما قال له سودت وجوه المؤمنين، فقال عليه السلام ما كل أحد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وانما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم. وروى عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف عن أبي الكنود عبد الرحمن بن عبيدة، قال لما بايع الحسن عليه السلام معاوية أقبلت الشيعة تتلاقى بإظهار الأسف والحسرة على ترك القتال، فخرجوا إليه بعد سنتين من يوم بايع معاوية فقال له (عليه السلام) سليمان بن صرد الخزاعي:
ما ينقضي تعجبنا من بيعتك لمعاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة، كلهم يأخذ العطاء وهم على أبواب منازلهم، ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم سوى شيعتك من أهل البصرة والحجاز، ثم لم تأخذ لنفسك ثقة في العهد ولا حظا من العطية فلو كنت إذ فعلت ما فعلت أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق والمغرب، وكتبت عليه كتابا بأن الامر لك بعده، كان الامر علينا أيسر. ولكنه أعطاك شيئا بينك وبينه لم يف به ثم لم يلبث ان قال على رؤوس الاشهاد أني كنت شرطت شروطا ووعدت عداة إرادة لاطفاء نار الحرب ومداراة لقطع الفتنة، فأما إذا جمع الله لنا الكلمة والألفة فإن ذلك تحت قدمي، والله ما عنى بذلك غيرك، ولا أراد بذلك إلا ما كان بينه وبينك، قد نقض. فإذا شئت فأعدت للحرب عدة، وأذن لي في تقدمك إلى الكوفة، فأخرج عنها عاملها وأظهر خلعه نبذه، على سواء أن الله لا يحب الخائنين.
وتكلم الباقون بمثل كلام سليمان، فقال الحسن عليه السلام: أنتم شيعتنا وأهل مودتنا، ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل ولسلطانها أربض وأنصب، ما كان معاوية بأشد مني بأسا ولا أشد شكيمة ولا أمضى عزيمة، ولكني أرى غير ما رأيتم وما أردت بما فعلت إلا حقن الدماء، فارضوا بقضاء

(1) حجر بن عدي الكندي: من صلحاء الصحابة. قاتل في فتوح فارس. كان مع علي في الجمل والنهروان وصفين. قاوم معاوية. قبض عليه وأمر معاوية بقتله في مرج عذراء شرقي دمشق.
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»
الفهرست