تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢١٦
بالبديهة ان يذكر الحق الذي عاينه، ولا يتعمل لتحريفه. وليس جميع الشهادات تراعى فيها العدالة. وجماعة من العلماء قد أجازوا شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا لم يوجد مسلم، وتأولوا لذلك قول الله عز وجل: ﴿اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم﴾ (1) وقد أجازوا أيضا شهادة النساء وحدهن فيما لا يجوز أنت تنظر إليه الرجال، وقبلوا شهادة القابلة. وانما أردنا بذكر قبول شهادة النساء، أن قوله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم) مخصوص غير عام في جميع الشهادات. ألا ترى ان ذلك غير مانع من قبول اليمين مع شهادة الواحد.
وبعد فليس قوله تعالى (واشهدوا ذوي عدل منكم) بمقتض غير الامر بالشهادة على هذا الوجه، وليس بمانع من قبول شهادة غير العدلين ولا تعلق له بأحكام قبول الشهادات.
فاما أخذ نصف الدية من أولياء المرأة إذ أرادوا قتل الرجل بها فهو الصحيح الواضح الذي لا يجوز خلافه، لان دية المرأة (2) عشرة آلاف درهم ودية المرأة نصفها فإذا أراد أولياء المرأة قتل الرجل، فإنما يقتلون نفسا ديتها الضعف من دية مقتولهم، فلا بد إذا اختاروا ذلك من رد الفضل بين القيمتين ولهذا لو أراد أخذ الدية لم يأخذوا أكثر من خمسة آلاف درهم. وهكذا القول في أخذ نصف الدية من المقتص من الأعور، لان دية عين الأعور عشرة آلاف درهم ودية احدى عيني الصحيح خمسة آلاف درهم. فلا بد من الرجوع بالفضل على ما ذكرناه، وما أدري من أي وجه تطرق العيب في تخليفه عليه السلام من يصلي العيدين بالضعفاء في المسجد الأعظم، وذلك من رأفته (عليه السلام) بالضعفاء ورفقه بهم، وتوصله إلى أن يحظوا بفضل هذه الصلاة من غير تحمل مشقة الخروج إلى المصلى.

(١) المائدة ١٠٦ (2) هكذا وردت والأصوب (الرجل).
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست