تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٠٧
ما يعتقده المخالفون، أليس هو الذي شهد له الرسول صلى الله عليه وآله بأنه (ع) اقضي الأمة واعرفها بأحكام الشريعة؟ وهو الذي شهد صلى الله عليه وآله له بأن الحق معه يدور كيف ما دار؟ فينبغي لمن جهل وجه شئ فعله (ع) ان يعود على نفسه باللوم ويقر عليها بالعجز والنقص، ويعلم ان ذلك موافق للصواب والسداد، وإن جهل وجهه وضل عن علته. وهذه جملة يغني التمسك بها عن كثير من التفصيل، واستعمال كثير من التأويل. وأمير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل أهل القبلة إلا بعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقد صرح (ع) بذلك في كثير من كلامه الذي قد مضى حكاية بعضه، ولم يسر فيهم إلا بما عهده إليه من السيرة. وليس بمنكر ان يختلف احكام المحاربين فيكون منهم من يقتل ولا يغنم. ومنهم من يقتل ولا يغنم. لان احكام الكفار في الأصل مختلفة مقاتلو أمير المؤمنين عليه السلام عندنا كفار لقتالهم له. وإذا كان في الكفار من يقر على كفره ويؤخذ الجزية منه، ومنهم من لا يقر على كفره ولا يقعد عن محاربته، إلى غير ذلك مما اختلفوا فيه من الاحكام جاز أيضا ان يكون فيهم من يغنم ومن لا يغنم، لان الشرع لا ينكر فيه هذا الضرب من الاختلاف.
وقد روي أن مرتدا على عهد أبي بكر يعرف بعلانة ارتد، فلم يعرض أبو بكر لما له. وقالت امرأته ان يكن علانة ارتد فانا لم نرتد. وروي مثل ذلك في مرتد قتل في أيام عمر بن الخطاب، فلم يعرض لما له. وروي ان أمير المؤمنين عليه السلام قتل مستوردا العجلي ولم يعرض لميراثه.
فالقتل ووجوبه ليس بامارة على تناول المال واستباحته، على أن الذي رواه النظام من القصة محرف معدول عن الصواب، والذي تظاهرت به الروايات ونقله أهل السير في هذا الباب من طرق مختلفة، أن أمير المؤمنين عليه السلام لما خطب بالبصرة وأجاب عن مسائل شتى سئل عنها، واخبر بملاحم وأشياء تكون بالبصرة، قام إليه عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست