تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٠٨
يا أمير المؤمنين، ان الناس يكثرون في أمر الفئ ويقولون من قاتلنا فهو وماله وولده فئ لنا. وقام رجل من بكر بن وايل يقال له عباد بن قيس، فقال يا أمير المؤمنين والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية، فقال عليه السلام ولم ويحك؟ قال لأنك قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذرية. فقال أمير المؤمنين (ع): يا أيها الناس من كانت به جراحة فليداوها بالسمن. فقال عباد بن قيس جئنا نطلب غنائمنا فجاءنا بالترهات.
فقال عليه السلام ان كنت كاذبا فلا أماتك الله حتى يدركك غلام ثقيف. فقال رجل يا أمير المؤمنين ومن غلام ثقيف؟ فقال رجل لا يدع لله حرمة الا انتهكها. فقال له الرجل أيموت أو يقتل؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام بل يقصمه قاصم الجبارين يخترق سريره لكثرة ما يحدث من بطنه، يا أخا بكر أنت امرؤ ضعيف الرأي، أما علمت أنا لا نأخذ الصغير بذنب الكبير، وان الأموال كانت بينهم قبل الفرقة يقسم ما حواه عسكرهم، وما كان في دورهم فهو ميراث لذريتهم، فإن عدا علينا أحد اخذناه بذنبه، وان كف عنا لم نحمل عليه ذنب غيره. يا أخا بكر والله لقد حكمت فيكم بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله من أهل مكة قسم ما حواه العسكر، ولم يعرض لما سوى ذلك. وانما اقتفينا اثره حذو النعل بالنعل. يا أخا بكر، اما علمت أن دار الحرب يحل ما فيها، ودار الهجرة محرم ما فيها إلا بحق، مهلا مهلا رحمكم الله فإن أنتم أنكرتم ذلك علي، فأيكم يأخذ أمه عايشة بسهمه؟ قالوا يا أمير المؤمنين أصبت واخطأنا وعلمت وجهلنا، أصاب الله بك الرشاد والسداد.
فاما قول النظام ان هذا أول ما حقدته الشراة عليه فباطل، لان الشراة ما شكوا قط فيه عليه السلام ولا ارتابوا بشئ من افعاله قبل التحكيم الذي منه دخلت الشبهة عليهم، وكيف يكون ذلك وهم الناصرون له بصفين والمجاهدون بين يديه والسافكون دماءهم تحت رايته. وحرب صفين كانت
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست