تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢١٠
في الشجاعة والنجدة، وليس هذا موضع استقصاء ما يتصل بهذا المعنى وقد ذكرناه في كتابنا الشافي المقدم ذكره.
فأما أمير المؤمنين، فإنما عدل أن يقيد ابن جرموز بالزبير لاحد أمرين:
إن كان ابن جرموز قتله غدرا وبعد أن آمنه وقتله بعد أن ولى مدبرا، وقد كان أمير المؤمنين عليه السلام أمر أصحابه أن لا يتبعوا مدبرا ولا يجهزوا على جريح فلما قتل ابن جرموز مدبرا كان بذلك عاصيا مخالفا لامر إمامه، فالسبب في أنه لم يقيده به أن أولياء الدم الذين هم أولاد الزبير لم يطالبوا بذلك ولا حكموا فيه وكان أكبرهم والمنظور إليه منهم عبد الله محاربا لأمير المؤمنين عليه السلام، مجاهرا له بالعداوة والمشاقة فقد أبطل بذلك حقه، لأنه لو أراد أن يطالب به لرجع عن الحرب وبايع وسلم ثم طالب بعد ذلك فانتصف له منه.
وإن كان الامر الآخر وهو ان يكون ابن جرموز ما قتل الزبير الا مبارزة من غير غدر ولا أمان تقدم على ما ذهب إليه قوم، فلا يستحق بذلك قودا ولا مسألة ها هنا في القود.
فإن قيل فعلى هذا الوجه ما معنى بشارته بالنار؟
قلنا، المعنى فيها الخبر عن عاقبة أمره، لان الثواب والعقاب إنما يحصلان على عواقب الاعمال وخواتيمها، وابن جرموز هذا خرج مع أهل النهروان على أمير المؤمنين عليه السلام، فقتل هناك. فكان بذلك الخروج من أهل النار لا بقتل الزبير.
فإن قيل: فأي فائدة لإضافة البشارة بالنار إلى قتل الزبير وقتله طاعة وقربة، وإنما يجب ان تضاف البشارة بالنار إلى ما يستحق به النار قلنا: عن هذا جوابان:
أحدهما: أنه (عليه السلام) أراد التعريف والتنبيه، وإنما يعرف
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست