تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢١٨
عشت فأنا ولي دمي، وان مت فضربة بضربة. ولا تمثلوا بالرجل فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن المثلة ولو بالكلب العقور. فمن ينهى عن التمثيل بقاتله مع الغيظ الذي يجده الانسان على ظالمه وميله إلى الاستيفاء والانتقام، كيف يمثل بمن لا ترة بينه وبينه ولا حسيكة له في قلبه؟ وهذا ما لا يظنه به (عليه السلام) إلا مؤف العقل.
فأما حبسه (عليه السلام) المال المكتسب من مهور البغايا على غنى وباهلة، فله إن كان صحيحا وجه واضح، وهو ان ذلك المال دني الأصل خسيس السبب، ومثله ما ينزه عنه ذو الاقدار من جلة المؤمنين ووجوه المسلمين. وإن كان حلالا طلقا فليس كل حلال يتساوى الناس في التصرف فيه. فإن من المكاسب والمهن والحرف ما يحل ويطيب ويتنزه ذوو المرؤات والاقدار عنها. وقد فعل النبي صلى الله عليه وآله نظير ما فعله أمير المؤمنين عليه السلام، فإنه روي عنه انه (صلى الله عليه وآله) نهى عن كسب الحجام، فلما روجع فيه أمر المراجع له ان يطعمه رقيقه ويعلفه ناضحه، وإنما قصد (صلى الله عليه وآله) إلى الوجه الذي ذكرناه من التنزيه، وإن كان ذلك الكسب حلالا طلقا. وهاتان القبيلتان معروفتان بالدناءة ولؤم الأصل مطعون عليهما في ديانتهما أيضا، فخصهما بالكسب اللئيم وعوض من له في ذلك المال سهم من الجلة، والوجوه من غير ذلك المال. وكل هذا واضح لمن تدبره.
في كذب الخبر بأنه خطب بنت أبي جهل.
(مسألة:) فإن قيل أليس قد روي أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة الرسول صلى الله عليه وآله حتى بلغ ذلك فاطمة عليها السلام وشكته إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقام على المنبر قائلا ان عليا آذاني بخطب بنت أبي جهل بن هشام ليجمع بينها وبين ابنتي فاطمة، ولن يستقيم الجمع بين بنت ولي الله وبين بنت عدوه. أما
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست