تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٢٠
وآله). وقد انكح أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام بنته ونقلها معه إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) لما ورد كتابها عليه تذكر أنه قد تزوج عليها أو تسرى، يقول مجيبا لها ومنكرا عليها: إنا ما انكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله له، والمأمون أولى بالامتعاض من غيرة بنته، وحاله أجمل للمنع من هذا الباب والانكار له. فوالله ان الطعن على النبي صلى الله عليه وآله بما تضمنه هذا الخبر الخبيث، أعظم من الطعن على أمير المؤمنين عليه السلام. وما صنع هذا الخبر إلا ملحد قاصد للطعن عليهما، أو ناصب معاند لا يبالي ان يشفي غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح والهدم، على أنه لا خلاف بين أهل النقل أن الله تعالى هو الذي اختار أمير المؤمنين عليه السلام لنكاح سيدة النساء صلوات الله وسلامه عليها، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) رد عنها جلة أصحابه وقد خطبوها وقال " صلى الله عليه وآله ":
اني لم أزوج فاطمة عليا (عليه السلام) حتى زوجها الله إياه في سمائه، ونحن نعلم أن الله سبحانه لا يختار لها من بين الخلائق من غيرها ويؤذيها ويغمها، فإن ذلك من أدل دليل على كذب الراوي لهذا الخبر.
وبعد، فإن الشئ إنما يحمل على نضائره ويلحق بأمثاله، وقد علم كل من سمع الاخبار أنه لم يعهد من أمير المؤمنين (عليه السلام) خلاف على الرسول، ولا كان قط بحيث يكره على اختلاف الأحوال وتقلب الأزمان وطول الصحبة، ولا عاتبه (عليه السلام) على شئ من أفعاله، مع أن أحدا من أصحابه لم يخل من عتاب على هفوة ونكير لأجل زلة، فكيف خرق بهذا الفعل عادته وفارق سجيته وسنته لولا تخرص الاعداء وتعديهم.
وبعد، فأين كان أعداؤه (عليه السلام) من بني أمية وشيعتهم عن هذه الفرصة المنهزة؟ وكيف لم يجعلوها عنوانا لما يتخرصونه من العيوب والقروف؟ وكيف تحملوا الكذب وعدلوا عن الحق وفى علمنا بأن أحدا من الاعداء متقدما لم يذكر ذلك دليل على أنه باطل موضوع؟.
(٢٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 ... » »»
الفهرست