تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٢٢
وأحس عليه السلام بهذا منهم قبل التولج والتلبس، فتخلى من الامر وتحرز من المكيدة التي كادت تتم عليه في سعة من الوقت وقد صرح (عليه السلام) بهذه الجملة وبكثير من تفصيلها في مواقف كثيرة بألفاظ مختلفة، وقال إنما هادنت حقنا للدماء وصيانتها وإشفاقا على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي، فكيف لا يخاف أصحابه ويتهمهم على نفسه وأهله، وهو عليه السلام لما كتب إلى معاوية يعلمه أن الناس قد بايعوه بعد أبيه عليه السلام ويدعوه إلى طاعته، فأجابه معاوية بالجواب المعروف المتضمن للمغالطة فيه والمواربة وقال له فيه: لو كنت أعلم أنك أقوم بالامر واضبط للناس وأكيد للعدو وأقوى على جميع الأحوال مني لبايعتك، لأني أراك لكل خير أهلا.
وقال في كتابه ان أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأبيك وأمركم بعد وفاة رسول الله دعاه إلى أن خطب خطبة بأصحابه بالكوفة يحثهم على الجهاد ويعرفهم فضله، وما في الصبر عليه من الاجر، وأمرهم أن يخرجوا إلى معسكر فما أجابه أحد، فقال لهم عدي بن حاتم: سبحان الله ألا تجيبون إمامكم؟ أين خطباء مصر؟ فقام قيس بن سعد وفلان وفلان فبذلوا الجهاد وأحسنوا القول. ونحن نعلم أن من ضمن بكلامه أولى بأن يضن بفعاله. أوليس أحدهم قد جلس له في مظلم ساباط وطعنه بمغول كان معه أصاب فخذه، فشقه حتى وصل إلى العظم وانتزع من يده وحمل عليه السلام إلى المداين وعليها سعيد بن مسعود عم المختار، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ولاه إياها فأدخل منزله، فأشار المختار على عمه ان يوثقه ويسير به إلى معاوية على أن يطعمه خراج جوخي سنة. فأبي عليه وقال للمختار: قبح الله رأيك أنا عامل أبيه وقد أئتمنني وشرفني، وهبني نسيت بلاء أبيه أأنسى رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أحفظه في ابن بنته وحبيبه ثم أن سعد بن مسعود أتاه عليه السلام بطبيب وقام عليه حتى برئ وحوله إلى بعض المدائن. فمن ذا الذي يرجو السلامة بالمقام بين أظهر هؤلاء القوم عن النصرة والمعونة؟ وقد أجاب
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست