تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٠٣
يحدثهم عن رسول الله بالمعاريض لما اعتذر من ذلك، وذكر ان هذا يجري مجرى التدليس في الحديث.
(الجواب): قلنا إن أمير المؤمنين عليه السلام لفرط احتياطه بالدين وتخشنه فيه وعلمه بأن المخبر ربما دعته الضرورة إلى ترك التصريح واستعمال التعريض، أراد ان يميز للسامعين بين الامرين ويفصل لهم بين ما لا يدخل فيه التعريض من كلامه مما باطنه كظاهره، وبين ما يجوز ان يعرض فيه للضرورة، وهذا نهاية الحكمة منه وإزالة اللبس والشبهة، ويجري البيان والايضاح بالضد فيما يوهمه النظام من دخوله في باب التدليس في الحديث، لان المدلس يقصد إلى الابهام ويعدل عن البيان والايضاح طلبا لتمام غرضه. وهو عليه السلام ميز بين كلامه وفرق بين أنواعه حتى لا تدخل الشبهة فيه على أحد. واعجب من هذا كله قوله انه لو لم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله بالمعاريض لما اعتذر من ذلك، لأنه ما اعتذر كما ظنه، وانما نفى ان يكون التعريض مما يدخل روايته عن رسول الله. كما أنه ربما دخل ما يخبر به عن نفسه قصدا للايضاح، ونفي الشبهة. وليس كل من نفى عن نفسه شيئا واخبر عن براءته منه فقد فعله. وقوله عليه السلام لان أخر من السماء يدل على أنه ما فعل ذلك ولا يفعله، وإنما نفاه حتى لا يلتبس على أحد خبره عن نفسه، ومما يجوز فيه مما يرويه ويسنده إلى رسول الله.
في قوله ما حدثني أحد عن الرسول إلا استحلفته:
(مسألة): فإن قيل فما الوجه فيما روي عنه عليه الصلاة والسلام من أنه قال كنت إذا حدثني أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله بحديث استحلفته بالله أنه سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وآله فإن حلف صدقته وإلا فلا.
وحدثني أبو بكر وصدقني، أوليس هذا الخبر مما طعن به النظام وقال لا يخلو المحدث عنده من أن يكون ثقة أو متهما. فإن كان ثقة فما معنى
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست