تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٠٦
كان من شرعه، ويكون كاذبا في ادعائه السماع، فكان يستحلفه لهذه العلة.
وقلنا أيضا لا يمتنع ان يكون ذلك انما كان منه (ع) في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وفي تلك الأحوال لم يكن محيطا بجميع الاحكام، بل كان يستفيدها حالا بعد حال.
فان قيل: كيف خص أبا بكر في هذا الباب بما لم يخص به غيره؟
قلنا: يحتمل ان يكون أبو بكر حدثه بما علم أنه سمعه من الرسول وحضر تلقيه له من جهته صلى الله عليه وآله، فلم يحتج إلى استحلافه لهذا الوجه.
في حكمه بعد غنيمة المال والذرية:
(مسألة): فإن قيل فما الوجه فيما ذكره النظام في كتابه المعروف بالنكت من قوله العجب مما حكم به علي بن أبي طالب في حرب أصحاب الجمل، لأنه (ع) قتل المقاتلة ولم يغنم، فقال له قوم من أصحابه إن كان قتلهم حلالا فغنيمتهم حلال، وإن كان قتلهم حراما فغنيمتهم حرام فكيف قتلت ولم تسب؟ فقال (ع) فأيكم يأخذ عائشة في سهمه؟ فقال قوم إن عائشة تصان لرسول الله صلى الله عليه وآله؟ فنحن لا نغنمها ونغنم من ليس سبيله من رسول الله صلى الله عليه وآله سبيلها، قال فلم يجبهم إلى شئ من ذلك.
فقال له عبد الله بن وهب الراسبي: أليس قد جاز ان يقتل كل من حارب مع عائشة ولا تقتل عائشة؟ قال بلى قد جاز ذلك وأحله الله عز وجل. فقال له عبد الله بن وهب: فلم لا جاز ان نغنم غير عايشة ممن حاربنا ويكون غنيمة عايشة غير حلال لنا فيما تدفعنا عن حقنا. فأمسك (ع) عن جوابه وكان هذا أول شئ حقدته الشراة على علي عليه الصلاة والسلام؟
(الجواب): قلنا ليس يشنع أمير المؤمنين عليه السلام ويعترضه في الاحكام الا من قد أعمى الله قلبه وأضله عن رشده، لأنه المعصوم الموفق المسدد على ما دلت عليه الأدلة الواضحة. ثم لو لم يكن كذلك وكان على
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست