تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٢٠٠
موضوعا أو يكون الغرض فيه غير ما ظنه القوم من الاعتراف بالخطأ في التحكيم. فقد روي عنه عليه السلام معنى هذا الخبر وتفسير مراده منه، ونقل من طرق معروفة موجودة في كتب أهل السير، انه عليه السلام لما سئل عن مراده بهذا الكلام، قال كتب إلي محمد بن أبي بكر بأن اكتب له كتابا في القضاء يعمل عليه، فكتبت له ذلك وانفذته إليه، فاعترضه معاوية فأخذه، فأسف (ع) على ظفر عدوه بذلك، واشفق من أن يعمل بما فيه من الاحكام، وتوهم ضعفة أصحابه ان ذلك من علمه ومن عنده، فتقوى الشبهة به عليهم. وهذا وجه صحيح يقتضي التأسف والتندم، وليس في الخبر المتضمن للشعر ما يقتضي ان تندمه كان على التحكيم دون غيره. فإذا جاءت رواية بتفسير ذلك عنه (ع)، كان الاخذ بها أولى.
في أن قتله للخوارج كان بعهد من رسول الله:
(مسألة): فإن قيل فما الوجه فيما فعله أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام عند حربه للخوارج يوم النهروان من رفعه رأسه إلى السماء ناظرا إليها تارة والى الأرض أخرى وقوله (ع): والله ما كذبت ولا كذبت. فلما قتلهم وفرغ من الحرب، قال له ابنه الحسن (ع): يا أمير المؤمنين أكان رسول الله صلى الله عليه وآله تقدم إليك في هؤلاء بشئ؟. قال: لا ولكن أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بكل حق، ومن الحق أن أقاتل المارقين والناكثين والقاسطين. أوليس قد تعلق بهذا النظام في كتابه المعروف بالنكت. وقال هذا توهيم منه (ع) لأصحابه أن رسول الله قد تقدم إليه في أن الخوارج سيخالفوه ويقتلهم، إذ يقول والله ما كذبت ولا كذبت.
(الجواب): إنا لا ندري كيف ذهب على النظام كذب هذه الرواية، يعني التضمنة لقوله (ع) انه لم يتقدم الرسول إليه في ذلك بشئ، إن كان النظام رواها ونقلها، أم كيف استجاز ان يضيفها إليه (ع) إن كان تخرصها؟
وكيف ظن أن مثل ذلك يخفى على أحد مع ظهور الحال وتواتر الروايات عنه
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست