تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٩٥
في مسألة التحكيم:
(مسألة): فان قيل: فما الوجه في تحكيمه عليه السلام أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص؟ وما العذر في أن حكم في الدين الرجال. وهذا يدل على شكه في إمامته وحاجته إلى علمه بصحة طريقته؟ ثم ما الوجه في تحكيمه فاسقين عنده عدوين له. أوليس قد تعرض لذلك ان يخلعا إمامته ويشككا الناس فيه وقد مكنهما من ذلك بأن حكمهما، وكانا غير متمكنين منه ولا أقوالهما حجة في مثله؟ ثم ما العذر في تأخره جهاد المرقة الفسقة وتأجيله ذلك مع امكانه واستظهاره وحضور ناصره؟ ثم ما الوجه في محو اسمه من الكتاب بالإمامة وتنظيره لمعاوية في ذكر نفسه بمجرد الاسم المضاف إلى الأب كما فعل ذلك به، وأنتم تعلمون ان بهذه الأمور ضلت الخوارج مع شدة تخشنها في الدين وتمسكها بعلائقه ووثايقه؟.
(الجواب): قلنا كل أمر ثبت بدليل قاطع غير محتمل فليس يجوز ان نرجع عنه ونتشكك فيه لأجل امر محتمل، وقد ثبت امامة أمير المؤمنين عليه السلام وعصمته وطهارته من الخطأ وبراءته من الذنوب والعيوب بأدله عقلية وسمعية، فليس يجوز ان نرجع عن ذلك اجمع، ولا عن شئ منه، لما وقع من التحكيم للصواب بظاهره، وقبل النظر فيه كاحتماله للخطأ ولو كان ظاهره أقرب إلى الخطأ وأدنى إلى مخالفة الصواب، بل الواجب في ذلك القطع على مطابقة ما ظهر من المحتمل لما ثبت بالدليل، أو صرف ماله ظاهر عن ظاهره، والعدول به إلى موافقة مدلول الدلالة التي لا يختلف مدلولها ولا يتطرق عليها التأويل. وهذا فعلنا فيما ورد من آي القرآن التي تخالف بظاهرها الأدلة العقلية مما يتعلق به الملحدون أو المجبرة أو المشبهة، وهذه جملة قد كررنا ذكرها في كتابنا هذا لجلالة موقعها من الحجة، ولو اقتصرنا في حل هذه الشبهة عليها لكانت مغنية كافية، كما انها كذلك فيما ذكرناه من الأصول. لكننا نزيد وضوحا في تفصيلها ولا نقتصر عليها كما لم نفعل ذلك
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست