تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٩١
الأثرم وعباس بن هشام الكلبي، عن هشام عن خراش بن إسماعيل العجلي، قال أغارت بنو أسد على بني حنيفة فسبوا خولة بنت جعفر وقدموا بها المدينة في أول خلافة أبي بكر، فباعوها من علي عليه الصلاة والسلام، وبلغ الخبر قومها فقدموا المدينة على علي عليه السلام فعرفوها وأخبروه بموضعها منهم، فاعتقها ومهرها وتزوجها، فولدت له محمدا وكناه أبا القاسم. قال وهذا هو الثبت لا الخبر الأول، يعني بذلك خبرا رواه عن المدايني، أنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن، فأصاب خولة في بني زبيدة وقد ارتدوا مع عمرو بن معد يكرب، وصارت في سهمه، وذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ان ولدت منك غلاما فسمه باسمي وكنه بكنيتي، فولدت له (ع) بعد موت فاطمة صلوات الله وسلامه عليها فسماه محمدا وكناه أبا القاسم. وهذا الخبر إذا كان صحيحا لم يبق سؤال في باب الحنفية.
فأما انكاحه عليه السلام إياها، فقد ذكرنا في كتابنا الشافي، الجواب عن هذا الباب مشروحا، وبينا انه (ع) ما أجاب عمر إلى انكاح بنته إلا بعد توعد وتهدد ومراجعة ومنازعة بعد كلام طويل مأثور، اشفق معه من شؤون الحال ظهور ما لا يزال يخفيه منها، وان العباس رحمة الله عليه لما رأى أن الامر يفضي إلى الوحشة ووقوع الفرقة سأله (ع) رد أمرها إليه ففعل، فزوجها منه. وما يجري على هذا الوجه معلوم معروف انه على غير اختيار ولا إيثار. وبينا في الكتاب الذي ذكرناه انه لا يمتنع ان يبيح الشرع ان يناكح بالاكراه ممن لا يجوز مناكحته مع الاختيار، لا سيما إذا كان المنكح مظهرا للاسلام والتمسك بسائر الشريعة. وبينا أن العقل لا يمنع من مناكحة الكفار على سائر أنواع كفرهم، وانما المرجع فيما يحل من ذلك أو يحرم إلى الشريعة. وفعل أمير المؤمنين عليه السلام أقوى حجة في احكام الشرع، وبينا الجواب عن الزامهم لنا، فلو اكره على انكاح اليهود والنصارى لكان
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست