تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٨٨
اعذار وافراغ للوسع، وقيام بما يجب على مثله ممن قل تمكنه وضعف ناصره.
فأما محاربة أهل البصرة، ثم أهل صفين، فلا يجري مجرى التظاهر بالانكار على المتقدمين عليه (ع)، لأنه وجد على هؤلاء أعوانا وأنصارا يكثر عددهم ويرجي النصر والظفر بمثلهم، لان الشبهة في فعلهم وبغيهم كانت زايلة عن جميع الأماثل وذوي البصائر، ولم يشتبه امرهم إلا على اغنام وطغام ولا اعتبار بهم ولا فكر في نصرة مثلهم. فتعين الغرض في قتالهم ومجاهدتهم للأسباب التي ذكرناها. وليس هذا ولا شئ منه موجودا فيمن تقدم، بل الامر فيه بالعكس مما ذكرناه لان الجمهور والعدد الجم الكثير، كانوا على موالاتهم وتعظيمهم وتفضيلهم وتصويبهم في أقوالهم وافعالهم. فبعض للشبهة وبعض للانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام والحبة لخروج الامر عنه، وبعض لطلب الدنيا وحطامها ونيل الرياسات فيها. فمن جمع بين الحالتين وسوى بين الوقتين كمن جمع بين المتضادين. وكيف يقال هذا ويطلب منه (ع) من الانكار على من تقدم مثل ما وقع منه (ع) متأخرا في صفين والجمل، وكل من حارب معه (ع) في هذه الحروب، إلا القليل كانوا قائلين بامامة المتقدمين عليه (ع) ومنهم من يعتقد تفضيلهم على سائر الأمة، فكيف يستنصر ويتقوى في اظهار الانكار على من تقدم بقوم هذه صفتهم، وابن الانكار على معاوية وطلحة وفلان وفلان من الانكار على أبي بكر وعمر وعثمان لولا الغفلة والعصبية، ولو أنه (ع) يرجو في حرب الجمل وصفين وسائر حروبه ظفرا، وخاف من ضرر في الدين عظيم هو أعظم مما ينكره، لما كان إلا ممسكا ومحجما كسنته فيمن تقدم.
في بيعة علي للمتآمرين:
فأما البيعة، فإن أريد بها الرضا والتسليم، فلم يبايع أمير المؤمنين عليه السلام القوم بهذا التفسير على وجه من الوجوه. ومن ادعى ذلك كانت عليه
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست