تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٦١
أحدنا لغيره إذا ترك الندب: لم تركت الأفضل ولم عدلت عن الأولى؟ ولا يقتضي ذلك انكارا ولا قبيحا.
تنزيه سيدنا محمد عن الوزر:
(مسألة): فإن قيل فما معنى قوله تعالى: ﴿ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك﴾ (1) أوليس هذا صريحا في وقوع المعاصي منه صلى الله عليه وآله؟.
(الجواب): قلنا أما الوزر في أصل اللغة فهو الثقل، وانما سميت الذنوب بأنها أوزارا لأنها تثقل كاسبها وحاملها.
فإذا كان أصل الوزر ما ذكرناه، فكل شئ اثقل الانسان وغمه وكده وجهده جاز ان يسمى وزرا، تشبيها بالوزر الذي هو الثقل الحقيقي. وليس يمتنع ان يكون الوزر في الآية انما أراد به غمه صلى الله عليه وآله وهمه بما كان عليه قومه من الشرك، وأنه كان هو وأصحابه بينهم مستضعفا مقهورا. فكل ذلك مما يتعب الفكر ويكد النفس. فلما أن أعلى الله كلمته ونشر دعوته وبسط يده خاطبه بهذا الخطاب تذكيرا له بمواقع النعمة عليه، ليقابله بالشكر والثناء والحمد.
ويقوي هذا التأويل قوله تعالى: (ورفعنا لك ذكرك) وقوله عز وجل: (فإن مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا) والعسر بالشدائد والغموم أشبه، وكذلك اليسر بتفريج الكرب وإزالة الهموم والغموم أشبه.
فإن قيل: هذا التأويل يبطله ان هذه السورة مكية نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وهو في الحال الذي ذكرتم انها تغمه من ضعف الكلمة وشدة الخوف من الاعداء، وقبل ان يعلي الله كلمة المسلمين على المشركين، فلا وجه لما ذكرتموه.

(١) الشرح ١ - 3
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست