تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٦٨
وفرضه علي. فقالوا له: فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك تعالى فأشرك معه في الخلافة رجلا من قريش تركن الناس إليه، ليتم لك امرك ولا يخالف الناس عليك. فنزلت الآية والمعنى فيها لئن أشركت مع علي في الإمامة غيره ليحبطن عملك، وعلى هذا التأويل. فالسؤال قائم لأنه إذا كان قد علم الله تعالى انه صلى الله عليه وآله لا يفعل ذلك ولا يخالف امره لعصمته، فما الوجه في الوعيد؟ فلابد من الرجوع إلى ما ذكرناه.
تنزيه سيدنا محمد (ع) عن الذنب:
(مسألة): فإن قيل: فما وجه قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم﴾ (1) أوليس ظاهر هذا الخطاب يتضمن العتاب؟ والعتاب لا يكون إلا على ذنب كبير أو صغير.
(الجواب): قلنا ليس في ظاهر الآية ما يقتضي عتابا وكيف يعاتبه الله تعالى على ما ليس بذنب، لان تحريم الرجل بعض نسائه لسبب أو لغير سبب ليس بقبيح ولا داخل في جملة الذنوب، وأكثر ما فيه انه مباح. ولا يمتنع ان يكون قوله تعالى: (لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) خرج مخرج التوجع من حيث يتحمل المشقة في ارضاء زوجاته، وإن كان ما فعل قبيحا. ولو أن أحدنا ارضى بعض نسائه بتطليق أخرى أو بتحريمها لحسن ان يقال له لم فعلت ذلك وتحملت المشقة فيه، وإن كان ما فعل قبيحا. ويمكن أيضا إذا سلمنا ان القول يقتضي ظاهره العتاب ان يكون ترك التحريم أفضل من فعله، فكأنه عدل بالتحريم عن الأولى. ويحسن ان يقال لمن عدل عن النقل لم لم تفعله. وكيف عدلت عنه، والظاهر الذي لا شبهة فيه قد يعدل عنه لدليل، فلو كان للآية ظاهر يقتضي العتاب لجاز أن يصرفه إلى غيره لقيام الدلالة على أنه لا يفعل شيئا من الذنوب ولان القصة التي خرجت الآية عليها لا يقتضي ماله تعلق بالذنب على وجه من الوجوه.

(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»
الفهرست