تغتسل فهواها وهم بتزوجها، وكان لها بعل يقال له أوريا، فبعث به إلى بعض السرايا وأمره أن يتقدم أمام التابوت الذي فيه السكينة، وكان غرضه أن يقتل فيه فيتزوج بامرأته، فأرسل الله إليه الملكين في صورة خصمين ليبكتاه (1) على خطيئته وكنيا عن النساء بالنعاج.
وعليكم في هذه الآيات سؤال من وجه آخر وهو أن الملائكة لا تكذب فكيف قالوا خصمان بغى بعضنا على بعض؟ وكيف قال أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة إلى آخر الآية؟ ولم يكن من كل ذلك شئ؟.
(الجواب): قلنا: نحن نجيب بمقتضى الآية ونبين أنه لا دلالة في شئ منها على وقوع الخطأ من داود عليه السلام، فهو الذي يحتاج إليه، فأما الرواية المدعاة، فساقطة مردودة، لتضمنها خلاف ما يقتضيه العقول في الأنبياء عليهم السلام، قد طعن في رواتها بما هو معروف، فلا حاجة بنا إلى ما ذكره.
وأما قوله تعالى: (وهل أتاك نبأ الخصم) فالخصم مصدر لا يجمع ولا يثنى ولا يؤنث. ثم قال (إذ تسوروا المحراب) فكنى عنهم بكناية الجماعة، وقيل في ذلك أنه إخراج الكلام على المعنى دون اللفظ، لأن الخصمين ههنا كانا كالقبيلتين أو الجنسين. وقيل بل جمع لأن الاثنين أقل الجمع، وأوله لأن فيهما معنى الانضمام والاجتماع. وقيل بل كان مع هذين الخصمين غيرهما ممن يعنيهما ويؤيدهما. فإن العادة جارية فيمن يأتي باب السلطان بأن يحضر معه الشفعاء والمعاونون، فأما خوفه منهما فلأنه (ع) كان خاليا بالعبادة في وقت لا يدخل عليه فيه أحد على مجرى عادته، فراعه منهما أنهما. أتيا في غير وقت الدخول، أو لأنهما دخلا من غير المكان