تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٣١
داود (ع) جمالها فخطبها أيضا فزوجها أهلها بداود وقدموه على أوريا وغيره، فعوتب (ع) على الحرص على الدنيا، بأنه خطب امرأة قد خطبها غيره حتى قدم عليه.
وثالثها: أنه روي أن امرأة تقدمت مع زوجها إليه في مخاصمة بينهما من غير محاكمة لكن على سبيل الوساطة، وطال الكلام بينهما وتردد، فعرض داود (ع) للرجل بالنزول عن المرأة لا على سبيل الحكم لكن على سبيل التوسط والاستصلاح، كما يقول أحدنا لغيره: إذا كنت لا ترضى زوجتك هذه ولا تقوم بالواجب من نفقتها فانزل عنها. فقدر الرجل أن ذلك حكم منه لا تعريض، فنزل عنها وتزوجها داود (ع)، فأتاه الملكان ينبهانه على التقصير في ترك تبيين مراده للرجل، وأنه كان على سبيل العرض لا الحكم.
ورابعها: أن سبب ذلك أن داود (ع) كان متشاغلا بعبادته في محرابه، فأتاه رجل وامرأة يتحاكمان، فنظر إلى المرأة ليعرفها بعينها فيحكم لها أو عليها، وذلك نظر مباح على هذا الوجه، فمالت نفسه إليها ميل الخلقة والطباع، ففصل بينهما وعاد إلى عبادته، فشغله الفكر في أمرها وتعلق القلب بها عن بعض نوافله التي كان وظفها على نفسه فعوتب.
وخامسها: أن المعصية منه إنما كانت بالعجلة في الحكم قبل التثبت، وقد كان يجب عليه لما سمع الدعوى من أحد الخصمين أن يسأل الآخر عما عنده فيها، ولا يقتضي عليه قبل المسألة. ومن أجاب بهذا الجواب قال: إن الفزع من دخولهما عليه في غير وقت العادة نساه التثبت والتحفظ.
وكل هذه الوجوه لا يجوز على الأنبياء (ع)، لأن فيها ما هو معصية، وقد بينا أن المعاصي لا تجوز عليهم، وفيها ما هو منفر، وإن لم يكن معصية، مثل أن يخطب امرأة قد خطبها رجل من أصحابه فتقدم عليه وتزوجها. ومثل التعريض بالنزول عن المرأة وهو لا يريد الحكم.
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست