تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٢٤
تعالى: (وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) فهذه اللفظة يعبر بها عن الإمام والخلف معا. فهي ها هنا بمعنى الإمام. ويشهد بذلك قوله تعالى:
(ومن ورائه جهنم) يعني من قدامه وبين يديه. وقال الشاعر:
ليس على طول الحياة ندم * ومن وراء المرء ما لا يعلم وقال الآخر:
أليس ورائي إن تراخت منيتي * لزوم العصى تحنى عليها الأصابع ولا شبهة في أن المراد بجميع ذلك: القدام.
وقال بعض أهل العربية إنما صلح أن يعبر بالوراء عن الإمام إذا كان الشئ المخبر عنه بالوراء يعلم أنه لا بد من بلوغه ثم يسبقه ويخلفه. فتقول العرب: البرد وراءك وهو يعني قدامك، لأنه قد علم أنه لا بد من أن يبلغ البرد ثم يسبق.
ووجه آخر: وهو أنه يجوز أن يريد أن ملكا ظالما كان خلفهم وفي طريقهم عند رجوعهم على وجه لا انفكاك لهم منه ولا طريق لهم إلا المرور به، فخرق السفينة حتى لا يأخذها إذا عادوا عليه. ويمكن أن يكون وراءهم على وجه الاتباع والطلب والله أعلم بمراده.
تنزيه موسى عن تبرئته بهتك عورته:
(مسألة): فإن قيل: فما معنى قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها﴾ (1) أوليس قد روي في الآثار أن بني إسرائيل رموه (ع) بأنه أدر وبأنه أبرص، وأنه (ع) ألقى ثيابه على صخرة ليغتسل، فأمر الله تعالى تلك الصخرة بأن تسير فسارت وبقي موسى (ع) مجردا يدور على محافل بني إسرائيل حتى رأوه وعلموا أنه لا عاهة به.

(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست