تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٢٢
الحلم، وأن الخضر وموسى عليهما السلام مرا بغلمان يلعبون، فأخذ الخضر (ع) منهم غلاما فأضجعه وذبحه بالسكين. ومن ذهب إلى هذا الوجه يجب أن يحمل قوله زكية على أنه من الزكاة الذي هو الزيادة والنماء، لأن الطهارة في الدين من قولهم: زكت الأرض تزكو إذا زاد ريعها.
وذهب قوم إلى أنه كان رجلا بالغا كافرا ولم يكن يعلم موسى (ع) باستحقاقه القتل، فاستفهم عن حاله. ومن أجاب بهذا الجواب إذا سئل عن قوله تعالى: ﴿حتى إذا لقيا غلاما فقتله﴾ (1) يقول لا يمتنع تسمية الرجل بأنه غلام على مذهب العرب وإن كان بالغا.
فأما قوله: (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) فالظاهر يشهد أن الخشية من العالم لا منه تعالى. والخشية ههنا قيل: العلم. كما قال الله تعالى: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) (2) وقوله تعالى:
(إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) (3) وقوله عز وجل: (وإن خفتم علية) (4) وكل ذلك بمعنى العلم.
وعلى هذا الوجه كأنه يقول إنني علمت بإعلام الله تعالى لي أن هذا الغلام متى بقي كفر أبويه (كفروا أبواه)، ومتى قتل بقيا على إيمانها.
فصارت تبقيته مفسدة ووجب احترامه، ولا فرق بين أن يميته الله تعالى وبين أن يأمر بقتله. وقد قيل أن الخشية هاهنا بمعنى الخوف الذي لا يكون معه يقين ولا قطع. وهذا يطابق جواب من قال إن الغلام كان كافرا مستحقا للقتل بكفره، وانضاف إلى استحقاقه ذلك بالكفر خشية إدخال أبويه في الكفر وتزيينه (وترديده) لهما. قال قوم إن الخشية ههنا هي الكراهية. يقول القائل:

(١) الكهف ٧٤ (2) النساء 128 (3) البقرة 229 (4) التوبة 28 0
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست