تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ١٢٩
كذلك. ومعنى ظلمك انتقصك، كما قال الله تعالى: {أتت أكلها ولم تظلم منه شيئا} (1).
ومعنى ظن قيل فيه وجهان:
أحدهما: أنه أراد الظن المعروف الذي هو بخلاف اليقين.
والوجه الآخر: أنه أراد العلم واليقين، لأن الظن قد يرد بمعنى العلم قال الله تعالى: (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} (2) وليس يجوز إن يكون أهل الآخرة ظانين لدخول النار بل عالمين قاطعين.
وقال الشاعر:
فقلت لهم ظنوا بإلقاء مذحج * سراتهم في الفارسي المسرد أي أيقنوا. والفتنة في قوله: {وظن داود إنما فتناه} هي الاختبار والامتحان لا وجه لها إلا ذلك في هذا الموضع. كما قال تعالى: (وفتناك فتونا).
فأما الاستغفار والسجود فلم يكونا لذنب كان في الحال، ولا فيما سلف على ما ظنه بعض من تكلم في هذا الباب، بل على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والخضوع له والتذلل والعبادة والسجود. وقد يفعله الناس كثيرا عند النعم التي تتجدد عليهم وتنزل وتؤول وترد إليهم شكرا لمواليها. فكذلك قد يسبحون ويستغفرون الله تعالى تعظيما وشكرا وعبادة.
وأما قوله تعالى: (وخر راكعا وأناب) فالإنابة هي الرجوع. ولما

(١) الكهف ٣٣ (2) الكهف 53
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»
الفهرست