وبارى الفقهاء هذا الواقع الجديد، وحاولوا أن يخرجوا الحكم الشرعي على ضوئه، تماشيا مع سياسة الحكام والخلفاء الذين عاصروهم، ولأسباب عديدة لا مجال لذكرها، فقد رأى مالك بن أنس، أن هذا السهم بأجمعه مفوضا إلى الإمام يجعله حيث شاء، ولا حق فيه لذي القربى ولا ليتيم ولا لمسكين ولا لابن سبيل مطلقا (1). وأما أبو حنيفة وأصحابه: فقد أسقطوا بعد موت النبي (ص) سهمه وسهم ذي قرباه، وقسموه بين مطلق اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، لا فرق بين الهاشميين وغيرهم، أما الشافعي:
فأبقى سهم ذوي القربى لذوي القربى، يعرف لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، والباقي لليتامى والمساكين وابن السبيل إطلاقا (2).
أجلى مظاهر التميز لمحمد وآل محمد (ص) على العالمين (لا صلاة لمن لم يصل على محمد وآله):
لقد نطق القرآن الكريم، وأجمعت الأمة الإسلامية على أن أولى مهام النبي الأكرم محمد (ص) أن يبين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، وعندما نزل قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (3)، قيل لرسول الله (ص): يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال النبي: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (4)، وفي ذلك يقول الشافعي:.
يا أهل بيت رسول الله حبكم - فرض من الله في القرآن أنزله.
كفاكم من عظيم الفخر أنكم - من لم يصل عليكم لا صلاة له (5).
لما حج الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، جهد ليصل إلى الحجر، فلم يقدر لكثرة الزحام، فجلس ومعه أعيان الشام، فبينما هم كذلك إذ أقبل علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (الإمام السجاد) - صلوات الله وسلامه عليهم -، فلما إنتهى إلى الحجر، تنحى له الناس