قتل حمزة عم النبي ممكن، فرتبوا مؤامرة للغدر بحمزة، ونفذت المؤامرة وقتل حمزة، وأشيع بأن النبي (ص) قد قتل، فزلزل المسلمون زلزالا شديدا.
دور علي (ع) في معركة الخندق.
لقد ثأرت قريش لقتلاها، وانتصرت في معركة أحد - لأسباب ليس بوسعنا ذكرها - وكان من الممكن أن تضع الحرب أوزارها، وأن تستبدل قريش لغة القوة بلغة المنطق، لكنها جادة في عداوتها للنبي (ص) ولدعوته المباركة ولبني هاشم، وأقل ما ترضى به هو القضاء على محمد وعلى آله (ص)، واستئصالهم من الوجود تماما، فقد قال أبو سفيان مخاطبا وفد يهود بني النظير: إن أحب الناس إلينا من أعاننا على عداوة محمد (1). وهكذا جمعت قريش عشرة آلاف وسبعمئة وخمسين مقاتلا، وقبل قيام هذا التجمع لم تشهد جزيرة العرب مثله في تاريخها الطويل، فقبائل العرب كانت تعبد الأصنام، وتدين بالولاء لشيوخها الذين لم يجتمعوا على أمر طول التاريخ، حتى يوم غزا أبرهة الكعبة وهي أقدس مقدساتهم، بينما هم اجتمعوا هذه المرة على عداوة محمد وآل محمد (ص) ودعوته الكريمة، وكان القائد العام لتجمع الأحزاب ورأسهم ومدبر أمرهم، ومؤقت ساعة الصفر، ومحدد مسؤولياتهم هو أبو سفيان، أما أركان حربه فكانوا يتألفون من مشيخة قريش، وعلى رأسهم معاوية، وابنه يزيد، فكلاهما ذكي وذو حيلة، وكلاهما موتور، وعكرمة بن أبي جهل وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، وكلهم موتور، وعمرو بن عبد ود العامري أشجع رجالات قريش وأقواها، فكان يحترق شوقا لملاقاة محمد (ص)، بالإضافة إلى مشيخة اليهود مثل حيي بن أحطب، وكنانة بن الحقيق، وأخيه هودة، وأبي عامر الراهب، وكعب بن أسد عقيد بني قريظة (2). فبرز عمرو بن عبد ود، أقوى رجالات قريش، وأخذ يدعو للمبارزة، فسكت جميع المسلمين كأن على رأسهم الطير، ولما سمعه الإمام علي استأذن النبي ثلاثا والرسول لا يأذن له، وأخيرا أذن الرسول لعلي (ع) وأعطاه سيفه، والتقى الاثنان على مشهد من الجمعين، وبعد برهة ثارت غبرة وسمع الناس التكبير، فأيقنوا بأن عليا قد قتل عمروا، وصعقت الأحزاب من هول النبأ، وازدادت قريش حقدا على النبي وآله فقال النبي (ص): لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة (3). وقال السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى: (ورد الله الذين كفروا