رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٤٢
والعلويين عامة التي وجهها للامام، نلاحظ الاعتراف الكامل بعظمة الإمام (ع)، وجلالة قدره، وعظيم مكانة.
بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، إن أمير المؤمنين عارف بقدرك، رايج لقرابتك، موجب لحقك مؤثر من الأمور فيك وفي أهل بيتك لما فيه صلاح حالك وحالهم، ويثبت عزك و عزهم وإدخال الامر عليك وعليهم... إلى أن قال: وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يليه عبد الله بن محمد من الحرب والصلاة بمدينة الرسول (ص) لمحمد بن فضل، وأمره بإكرامك واحترامك وتوقيرك وتجليلك، والانتهاء إلى أمرك ورأيك، وعدم مخالفتك، والتقرب إلى الله تعالى والى أمير المؤمنين بذلك، وأمير المؤمنين مشتاق إليك، ويحب إحداث العهد بقربك والتيمن بالنظر إلى ميمون طلعتك المباركة (1).
الإمام الهادي (ع) والمتوكل العباس.
تحدث سبط بن الجوزي الحنفي عن الإمام الهادي (ع)، عن أحداث استدعاء الإمام الهادي من المدينة إلى سامراء (2)، قال: قال يحيى بن هرثمة: فذهبت إلى المدينة، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما، ما سمع الناس بمثله خوفا على علي، وقامت الدنيا على ساق، لأنه كان محسنا إليهم، ملازما للمسجد، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا، قال يحيى: فجعلت أسكنهم وأحلف لهم أنى لم أؤمر فيه بمكروه، وإنه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله فلم أجد فيه الا مصاحف وأدعية وكتب العلم، فعظم في عيني وتوليت خدمته بنفسي، وأحسنت عشرته، فلما قدمت به إلى بغداد، بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري، وكان والياء على بغداد، فقال لي: يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول الله، والمتوكل من تعلم، فإن حرضته عليه قتله، وكان رسول الله خصمك يوم القيامة، فقلت له: والله ما وقعت منه الا على كل أمر جميل، ثم صرت به إلى سر من رأى فبدأت بوصيف التركي، فأخبرته بوصوله فقال: والله لئن سقطت منه شعرة لا يطالب بها سواك، قال: فعجبت كيف وافق قوله قوله إسحاق، فلما دخلت على المتوكل، سألني عنه، فأخبرته بحسن سيرته، وسلامة طريقته و ورعه وزهادته، وإني فتشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم، وإن أهل المدينة خافوا عليه، فأكرمه المتوكل، وأحسن جائزته، وأجزل بره، وأنزله معه سر من رأى (3).
وفي سامراء، هوجمت دار الامام على الهادي (ع)، وفتشت، فوصف أصحاب السير

1 - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 280.
2 - ذكر للمتوكل العباسي أن الامام يجمع المال والسلاح، ويعد للثورة، فأرسل يحيى بن هرصمة لقشيش داره وجلبه إلى سامراء.
3 - تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي ص 2607 ابن طولون / الأئمة الاثنا عشر ص 107.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 ... » »»