رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٤٣
حال الامام حسين هو جم ليلا.
فهاجموا داره، فلم يجدوا فيها شيئا، ووجده في بيت فغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس على الرمل والحصى، وهو متوجه إلى الله تعالى يتولا آيات من القرآن (1).
وعلى هذه الحال حمل إلى المتوكل العباسي، وأدخل عليه، وكان المتوكل في مجلس شراب، وبيده كأس الخمر، فناول الإمام الهادي (ع)، مزد الامام: والله ما خامر لحمى ولا دمى قط، فاعفني فأعفاه، فقال له: أنشدني شعرا، فقال على: أنا قليل الرواية للشعر، فقال: لابد، فأنشده.
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل.
واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا.
ناداهم صارخ من بعد دفنهم * أين الأساور والتيجان والحلل.
أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل.
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل.
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الاكل قد أكلوا.
فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموعه، وبكى الحاضرون (2).
الذي يدرس حياة الإمام الهادي (ع) منذ وفاة أبيت (ع) وتحمله مهام الإمامة وحتى وفاته، يجدها مليئة بالتحديات والضغوط والمصائب، والصبر على فساد الحكام وتهورهم و ظلمهم، وضعف السياسة والإدارة، وشيوع الموبقات، فقد وصف المؤرخون المعتصم العباسي، أنه إذا غضب لا يبالي من قتل، ولا ما فعل (3).
ويمكننا أن نحيط القارئ علما بأبرز مظاهر العداء والصراع بين المتوكل العباسي و أهل البيت (ع) بما يلي.
1 - كراهيته للامام علي بن أبي طالب (ع) ومحاولة الحط من سمعته والاستهانة بقدره.
2 - هدمه لقبر السبط الشهيد الحسين بن علي (ع) وتنكيله بزوار القبر الشريف، و معاقبته بقسوة لكل من يقصده أو يزوره بأخذ المبالغ الطائلة منهم، وحيث لم يفد ذلك، أمر بقطع الأيدي لكل من يزور مرقد الإمام الحسين (ع) الطاهر بكربلاء.
3 - فرض الحصار الاقتصادي على العلويين، وقطع أرزاقهم ومنع الناس من مساعدتهم.
4 - التضييق على عميد أهل البيت الأطهار - الامام على الهادي (ع) -، وجلبه

1 - المصدر نفسه ص 361.
2 - تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي ص 361، وابن طولون الأئمة الاثنا عشر ص 107.
3 - تاريخ الرسل والملوك للطبري ج 7 ص 316 أحداث سنة 227 ه‍.
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»