(ص) عليا (ع) لإدارة المدينة المنورة ولرعاية أهله (ص)، على أن عليا أراد صحبة الرسول (ص) في غزوته، إلا أن رسول الله أمره بالبقاء في المدينة المنورة، وخاطبه بقوله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي (1).
الفصل الثاني: آل البيت (ع) وحادثة المباهلة.
بعد أن تحقق النصر للدعوة ونبيها الكريم محمد (ص) في أرجاء الجزيرة، وتم فتح مكة والطائف ودمرت معاقل الشرك والوثنية، وتلاشت سطوة قريش وجبروتها، وظهر الإسلام كقوة عقيدية وسياسية وعسكرية: أخذت وفود العرب تفد على رسول الله (ص) لتعلن إسلامها وولاءها، وكذلك فقد وجه رسول الله (ص) كتبه ورسله إلى الملوك والرؤساء، يدعوهم إلى الإسلام من منطلق القوة والوثوق بالوعد الإلهي بالنصر، وكان ممن وجه إليهم كتبه هم أساقفة نجران يدعوهم إلى الإسلام، ويعرفهم بدعوته. ونص كتابه المبارك هو:.
بسم الله، من محمد رسول الله إلى أساقفة نجران، بسم الله فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب: أما بعد ذلكم فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، وإن أبيتم أذنتكم بحرب والسلام (2).
لقد أحدث هذا الكتاب هزة عنيفة في كيان النصارى في بلاد اليمن، ورأوا أن يقدموا على رسول الله (ص) بوفد يخوض حوارا عقائديا وفكريا، توجه الوفد برئاسة أبي حارثة الأسقف، ومعه العاقب والسيد وعبد المسيح وكوز وقيس والأيهم، فوصلوا المدينة المنورة ودخلوا على رسول الله (ص) في مسجده الشريف، وهم متباهون بزينتهم وحليهم، ظانين أن ذلك يؤثر على موقف رسول الله (ص) النفسي، وحين رآهم رسول الله متظاهرين بمظاهر العظمة المزيفة، قال لأصحابه: (دعوهم)، ثم التقوا رسول الله وبدأ الحوار والمسألة طوال ذلك اليوم، ثم سأل أبو حارثة رسول الله (ص): يا محمد ما تقول في المسيح؟ قال: (هو عبد الله ورسوله). فقال أبو حارثة: تعالى الله عما قلت، وكان يظن في المسيح ظن الربوبية، وحين اشتد إصرارهم على عقيدة الشرك وتأليه المسيح ورفض نبوة محمد (ص): أراد الله سبحانه أن يظهر لهم نبوة محمد (ص) بإجابة دعوته وبطلان عقيدتهم ودعواهم، فأنزل الله على نبيه آية المباهلة، قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على