الثأر ضاربة الجذور في النفس العربية، ولا ترتاح نفوس ذوي القتلى إلا إذا قتلوا القاتل، أو أبعدوه تماما عن المسرح والأعين، وكيف يمكن قتل النبي (ص) أو حمزة أو علي (ع) أو الهاشميين؟!، ولنفترض أن القاتل قد مات، فإن ذريته مطلوبة لذرية المقتول حتى يؤخذ حقه.
كان الرسول الأعظم على علم بحقيقة تلك المشاعر التي تعتمل بالنفوس، وكان متيقنا أن قريش تبغض التميز الهاشمي، والمكانة الهاشمية، وقد عبر عن هذه الحقائق بقوله ذات يوم لأصحابه، قياما بواجب البيان وسدا لنوافذ الشرك: (إن أشد قومنا بغضا لنا هم بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم) (1). فكل بطون قريش تبغض الهاشميين، ولكن أكثرها بغضا للهاشميين هي البطون التي ذكرها النبي (ص).
وباختصار فإن نجاح النبوة الهاشمية، وتكريس التميز الهاشمي، والجراح التي نتجت عن معركة بدر، والغصات التي اعترضت حلقوم الذين اتبعوا محمدا من أبناء قريش تركت بصماتها على التاريخ الإسلامي كله بعد موت النبي (ص)، وظلت تعتمل في النفوس، وكانت أبرز الأسباب التي قوضت النظام السياسي الإسلامي، وأفرغته من مضمونه ومحتواه، وحولته إلى ملك أو وسيلة للوصول إلى الملك، مثلما كانت من أبرز الأسباب التي أدت لإخراج المنظومة الحقوقية الإلهية عمليا من الخدمة، للارتباط الوثيق بين القيادة في الإسلام، وبين فاعلية المنظومة الحقوقية، وقد ساعد على ذلك كله، أن البطون القريشية التي اتخذت تحت راية الشرك ضد النبي (ص)، قد اتحدت تحت راية الإسلام ضد آل النبي (ص)، وحالت بين الهاشميين وحقوقهم التي خصهم الله تعالى بها، وما ميزوا به من علم وسيرة وفضل على غيرهم من الناس.
دور الهاشميين في معركة أحد رجع المشركون من بدر يجرون أذيال الخزي والهزيمة، وصفوا صفوفهم، ولم يطل الانتظار حتى برز من صفوف المشركين طلحة بن أبي طلحة، وصاح: من يبارز؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب (ع) فقتله الإمام علي (ع) سريعا، فلما قتل طلحة، سر النبي (ص) وأظهر التكبير، وكبر المسلمون وهجموا على المشركين وقتل علي بن أبي طالب حملة لواء المشركين وكانوا ثمانية، كلما مات أحدهم أخذ اللواء غيره، ثم حمل اللواء عبد لهم فحمل عليه الإمام علي فقتله (2). ومما زاد الطين بلة أن الأمويين قد أقروا بأن قتل علي بن أبي طالب مستحيل، لكن