الكاذبين) (1)، وعلى أثر هذا النص السماوي توجه الرسول (ص) بالخطاب إلى وفد النصارى:.
إن لم تؤمنوا بي وتصدقوني، فتعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذب ، وننتظر من سيقع عليه العذاب والعقاب الإلهي، فهو على باطل، فقالوا للنبي:
نباهلك غدا، ثم اجتمعوا فتحاوروا وتشاوروا بينهم، فقال أبو حارثة لوفده:.
أنظروا من جاء معه، وغدا رسول الله (ص) آخذا بيديه المباركتين الحسن والحسين (ع) تتبعه فاطمة وعلي بن أبي طالب (ع) بين يديه. وغدا العاقب والسيد بابنين لهما عليهما الدر والحلي، وقد حفوا بأبي حارثة، فقال أبو حارثة: من هؤلاء معه؟ قالوا: هذا ابن عمه، وهذه ابنته، وهذان ابناهما، فجثا رسول الله على ركبتيه ثم ركع، فقال أبو حارثة: جثا والله كما يجثو النبيون للمباهلة... إلخ (2).
قال الزمخشري في سياق تفسير آية المباهلة: وقدمهم في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم: وليؤذن بأنهم مقدمون على الأنفس، مفدون بها...
وفي هذا دليل لا شئ أقوى منه على فضل أصحاب الكساء (3).
أما المشركون الذين لم يتخلوا عن وثنيتهم، فقد عزم رسول الله (ص) على منعهم من تأدية طقوسهم حول البيت الحرام: نظرا إلى إعلانهم الشرك، وسلوكهم غير المحتشم، حيث يطوفون، حول البيت عراة متحللين من الأدب، فلا مبرر لبقاء ذلك المظهر البشع، ولا داعي لبقاء قوم يعبدون الأصنام، بعد أن أظهر الله الإسلام وأعزه بنصره، وبعد أن حطمت الأصنام، ودخلت مكة دار الإسلام.
في موسم الحج، في السنة التاسعة من الهجرة، حيث نزلت سورة التوبة (البراءة) التي ألغت كل مخلفات الشرك، وأنهت كل وجود للمشركين في مكة، أمر رسول الله (ص) أبا بكر بتبليغها لمن تبقى من المشركين، والذين يتواجدون غالبا عند البيت الحرام في الموسم : لأداء مناسك الحج على طريقتهم البالية، فلما كان أبو بكر في بعض الطريق، هبط الأمين جبرائيل (ع) بالأمر من الله لرسوله (ص): أن لا يتولى التبليغ إلا أنت أو رجل من أهل بيتك، فبعث رسول الله (ص) عليا عليه السلام، وأعطاه كتابا إلى أبي بكر يأمره بإعطاء الكتاب الذي يحمل السورة المباركة إلى علي (ع) - وهكذا كان - فعاد أبو بكر إلى رسول الله (ص) كئيبا، فقال له: أنزل في شئ؟ قال (ص): لا، إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي (4)،