أبيه الباقر عن آبائه (ع) عن جدهم رسول الله (ص) بما سيجري لهم ويحدث - كما روينا ذلك عن الباقر (ع) آنفا -.
وقد جاء في الروايات أن رسول الله (ص) قال لأهل بيته:.
انا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء و تشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود، فيسألون الخير فلا يعطونه، فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملأوها جورا، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج (1).
الا أن عبد الله بن الحسن لم يستجب لنصيحة الصادق (ع) وقال:
انما بريد القوم ابني محمدا لأنه مهدي هذه الأمة، فقال أبو عبد الله جعفر: والله ما هو مهدي هذه الأمة ولئن شهر سيفه ليقتلن، فنازعه عبد الله القول حتى قال له: والله ما يمنعك من ذلك الا الحسد، فقال أبو عبد الله (ص): والله ما هذا الا نصح منى لك (2).
وصدق الامام، وتمت البيعة لأبي العباس السفاح، قبل أن يعود الرسول إلى أبى سلمة الخلال.
ويتسلط العباسيون على السلطة، فيتنكرون لآل البيت (ع)، ويفتكون بهم، بعد أن كانت دعوتهم تتستر تحت شعار الدفاع عن آل البيت (ع) وتعرض مظلوميتهم وتستميل الناس بحبهم، فعانى العلويون أشد المعاناة كما عانى غيرهم من ظلم بنى العباس وجورهم و استبدادهم، حتى أن خليفتهم الأول (أبا العباس) سمى بالسفاح لكثرة ما أراق من الدماء، فاشتدت المحنة على الإمام الصادق (ع) وضيق عليه.
ولذلك نجد أبا العباس السفاح يستدعى الإمام الصادق (ع) إلى الحيرة، ويضيق عليه، خوفا من منافسته وشموخ زعامته، ثم يحول الله بينه وبين الإمام (ع) فيعود الامام إلى المدينة، ليمارس مهامه العلمية والتوجيهية هناك. وحينما تولى أبو جعفر المنصور الخلافة ازدادت مخاوفه من الإمام الصادق (ع)، واشتد حسده لتفوق شخصية الإمام (ع) و علو منزلته في النفوس، وذيوع اسمه في الآفاق، وشموخ مكانته العلمية، حتى غطت شخصيته كل الشخصيات العلمية والسياسية في عصره، لذلك عمد أبو جعفر المنصور إلى استدعاء الإمام الصادق (ع)، وجلبه من المدينة إلى العراق مرات، ليحقق معه ويتأكد من عدم قيادته لحركات سرية ضد الحكم العباسي، لان أبا جعفر المنصور كان يعرف اتجاه الأمة وميلها للإمام الصادق (ع)، ويعرف أهليته وقوة شخصيته، بالإضافة إلى ذلك فهو يشاهد العلويين يتحركون لإنهاء التسلط العباسي، وإعادة القيادة لآل البيت النبوي.