النبوي الشريف والأمة المسلمة دون أن تؤثر في نفس الإمام الصادق (ع)، ومدى، حركته و نشاطه السياسي والاجتماعي، لذلك نجده قد عكف على الاتجاه العلمي، وعلى العناية بحفظ الشريعة، وتربية جيل من العلماء وحملة العلم والفقه والحديث، بعد أن رأى نفسه مقيدا لا يستطيع الحركة والتصدي السافر للسلطة الحاكمة. ومع ذلك فإن هشام بن عبد الملك كان يخشى الإمام الصادق وأباه الباقر (ع)، ويخاف من تعاطفهم مع الثوار العلويين، لذلك استدعاهما إلى الشام للتحقيق معهما، فلم يجد حجة للنيل منهما أو الاعتداء عليهما، فعادا إلى المدينة بعناية ربانية قاهرة.
سقوط الدولة الأموية سنة 132 ه:
أما الحدث الثاني الخطير في مرحلة امامة جعفر بن محمد الصادق (ع) فهو سقوط الدولة الأموية، وقيام دولة بنى العباس، وقد قامت دعوة الثورة ضد الأمويين تحت شعار الولاء لأهل البيت النبوي (ع) والانتصار لهم، الا أن بنى العباس كانوا يعملون سرا لتكون الخلافة لهم، وقد كانت في بداية الدعوة إلى إبراهيم بن محمد العباسي، ولما قتل عهد بالبيعة لأخيه أبى العباس عبد الله بن محمد العباسي، ولما علم أبو سلمة الخلال بموت إبراهيم وانتقال البيعة لأبي العباس، خاف من هذا التحول واتجه إلى الإمام جعفر الصادق (ع) بالبيعة، فكتب كتابا بنسختين، إحداهما للإمام الصادق (ع) والأخرى لعبد الله بن الحسن (1)، وهو من أشراف العلويين ومن نقبائهم بعد الإمام الصادق (ع)، ثم أمر الرسول أن يذهب بكتابه إلى الإمام الصادق (ع). وكان قد دعا الإمام الصادق في هذا الكتاب للحضور إلى الكوفة لتتم البيعة بالخلافة له، وأمر الرسول أن يتعرف على جواب الإمام الصادق (ع)، فإن أجاب بالموافقة فلا يتوجه بعده إلى أحد، فهو الامام والرجل المؤهل للقيادة، والا فليتوجه (الرسول) إلى عبد الله بن الحسن، فحمل الرسول الرسالة، وتوجه إلى الإمام الصادق (ع)، فأخبره بما عنده فلم يجبه الصادق (ع)، ولكنه أخذ الرسالة فأحرقها أمام الرسول، وقال له: عرف صاحبك بما رأيت، ثم أنشأ يقول، متمثلا بقول الكميت بن زيد:.
أيا موقدا نارا لغيرك ضوؤها - ويا حاطبا في غير حبلك تحطب (2).
فخرج الرسول من عنده، وأتى عبد الله بن الحسن فتناول الكتاب وقرأه فسر به، الا أنه لم يستطع تقرير موقف، أو إتخاذ قرار بأمر خطير كهذا، دون أن يطلع الإمام الصادق (ع)، وكان يتصور أنه سيلقى التأييد والترحاب بهذا الطلب من الإمام الصادق (ع)، الا أن الامام أخبره بالذي حدث منه مع الرسول، ونهاه عن الاستجابة، و حذره من العاقبة.
فقد كان الإمام الصادق (ع) يعرف سير الاحداث ويدرك نتائجها، ولديه علم عن