رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٨٢
يقره الاسلام الحنيف، وهو ما أشار رسول الله (ص) عندما قال: ملعون من ألقى كله على الناس (1).
ولقد وجد الإمام الباقر (ع) الفرصة ملائمة لتفنيد مذهب التصوف عمليا، فوضع ابن المكندر أمام الامر الواقع، وذكره بأن الموت في ساعة كسب الرزق، انما يكون في طاعة من طاعات الله عز وجل، فلم ير ابن المنكدر بدا من الاعتراف بسلامة خط الإمام (ع).
3 - قال أبو يوسف الأنصاري:.
قلت لأبي حنيفة: لقيت محمد بن علي الباقر (ع)؟ فقال: نعم وسألته يوما، فقلت له:
أراد الله المعاصي؟ فقال: أفيعصى قهرا؟، قال أبو حنيفة: فما رأيت جوابا أفحم منه [(2).
ومن الضروري أن نشير إلى أن أبا حنيفة فقيه مدرسة الرأي المعروف، كان له كل الحق حين يصف جواب الإمام (ع) لوجازته، لان الرجل قد أدرك أهمية جواب الإمام (ع) بدقة تحديه العلمي الصارم لفلسفة الجبر والتفويض، التي مزقت وحدة المفكرين والفقهاء زمنا طويلا، حيث أن الإمام (ع) يحدد مسارها الموضوعي بكلمتين اثنتين أفيعصى قهرا؟ أي هل يعقل ان الله يجبر عباده على معصيته، فيعصونه بالقهر؟ مما يثير اعجاب أبي حنيفة.
4 - عن أبي حمزة الثمالي قال:.
قدم قتادة بن دعامة البصري على أبى جعفر (ع) فقال له الإمام (ع): أنت فقيه أهل البصرة؟ قال: نعم، فقال أبو جعفر (ع): ويحك يا قتادة، ان الله عز وجل خلق خلقا فجعلهم حججا على خلقه، فهم أوتاد في أرضه، قوام بأمره، نجباء في علمه، اصطفاهم قبل خلقه، أظلة عن يمين عرشه، فسكت قتادة طويلا ثم قال: أصلحك الله، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس، فما اضطرب قلبي قدام أحد منهم ما اضطرب قدامك. فقال أبو جعفر (ع): أتدري أين أنت؟ أنت بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، يسبح له فيها بالغدو والآصال، رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وأقام الصلاة، وايتاء الزكاة، فأنت ثم ونحن أولئك، فقال قتادة: صدقت والله، جعلني الله فداك، واله ما هي بيوت حجارة ولا طين (3).
5 - ومن روائع فكره السياسي وصيته لعمر بن عبد العزيز الحاكم الأموي:.
أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا، وأوسطهم أخا، وأكبرهم أبا، فارحم ولدك

1 - الكليني / الكافي / ج 4 / ص 12.
2 - سبط بن الجوزي / تذكرة الخواص / 337.
3 - المجلسي / البحار / ج 46 / ص 357.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»