رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٨٨
فقلت: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: فان سيدهم وعالمهم وبقية الاخبار منهم توفى، فقلت: ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال: جعفر بن محمد (1).
لقد عايش الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) الحكم الأموي البغيض مدة تقارب الأربعين سنة، فقد ولد الإمام الصادق (ع) في عهد مروان بن الحكم، ثم عايش الوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، و إبراهيم بن الوليد، ومروان الحمار، حتى سقوط الحكم الأموي سنة 132 ه‍ ثم آلت الخلافة إلى بنى العباس، فعاصر (ع) من خلفائهم أبا العباس السفاح، وشطرا من خلافة أبى جعفر المنصور - تقدر بعشر سنوات تقريبا، عاصر الإمام الصادق (ع) كل هؤلاء وشاهد بنفسه محنة آل محمد (ص) وآلام الأمة وشكواها وتململها، الا أنه لم يستطع التحرك والمواجهة مع الحكام لعدة أسباب، أهمها:.
1 - إنه كان على قمة الهرم العلمي والاجتماعي، وعميد آل البيت (ع)، ومحط أنظار المسلمين، لذا فقد كان تحت الرقابة الأموية والعباسية، وملاحقة جواسين الحكام، فقد كانوا يحصون عليه حركاته واتصالاته.
2 - التجربة التاريخية المرة لقيادة آل البيت (ع)، مع جمهور الأمة، وتيارات الثورات ضد الحاكم الأمويين، وكانت آخرها ثورة زيد بن علي بن الإمام الحسين (ع).
ونظرا لتخلف الناس عن الرمي إلى المقام السامي والأسلوب الرفيع الذي كان يتحلى به أهل البيت (ع) في الوصول إلى الحكم والخلافة ولهذه الأسباب وغيرهما جعلت من الإمام أن ينصرف عن الصراع السياسي المكشوف مع الحكام، ليعكف على بناء روح المقاومة عند الناس بناء علميا وفكريا وسلوكيا يحمل روح الثورة، وبهذه الطريقة راح يربى العلماء والدعاة وجماهير الأمة على مقاطعة الحكام الظلمة، ومقاومتهم عن طريق نشر الوعي العقائدي والسياسي، والتفقه في أحكام الشريعة ومفاهيمها - كقوله (ع): من عذر ظالما بظلمه سلط الله عليه من يظلمه، فإن دعا لم يستجب له، ولم يأجره الله على ظلامته (2).
وقال (ع): العامل بالظلم والمعين له، والراضي به شركاء ثلاثتهم (3).
وفي فترة حياة الإمام الصادق (ع) وقعت ثلاثة أحداث سياسية خطيرة شهدتها الأمة، في حياة إماما جعفر الصادق (ع) وهي:
1 - ثورة زيد الشهيد سنة 121 ه‍: وزيد - هو عم الإمام الصادق (ع) - بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، ولقد كان زيد أحد الأعلام البارزين من آل رسول الله (ص)، و من فقهاء أهل البيت (ع)، وقد عظمت عليه شدة المحنة، والارهاب

1 - تاريخ اليعقوبي ط بيروت ج 3 ص 383.
2 - الأصول من الكافي للكليني ط 3 ج 2 ص 334.
3 - المصدر نفسه ص 333.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»