وكان حمزة بن عبد المطلب عم النبي أسد الله وأسد رسوله لا يخفى على أحد، لأن سطوته معروفة، لكن الرجل الذي قاتل بقدرة وكفاءة تفوق الوصف والتصور، هو علي بن أبي طالب (ع) ابن عم النبي (ص)، وحامل راية المهاجرين (1).
لقد لفت فنه في القتال أنظار أهل الأرض وأهل السماء، فنادى ملك من السماء: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي) (2).
فصارت بطولة الإمام علي فيما بعد مسبة له، ووسيلة للتحريض عليه، ومبررا لإبعاده عن حقه في الإمامة، فبعد عشرين سنة من وقعة بدر، يقول أحد الصحابة لسعيد بن العاص:
اني لأراك معرضا عني، تظن أني قتلت أباك، والله ما قتلت أباك (3). يريد هذا الصحابي أن يذكر سعيدا أن الذي قتل أباه في بدر هو علي بن أبي طالب (ع)!!.
وقال أحد الصحابة فيما بعد: ان الأمر كان لعلي بن أبي طالب، فزحزحوه عنه لحداثة سنه، والدماء التي عليه (4).
شجاعة علي بن أبي طالب (ع) الفريدة في الحروب.
قتلى الأمويين: أحد عشر قتيلا، قتل أكثرهم علي بن أبي طالب. وكذلك قتل (ع) من بني تيم بن مرة، ومن بني مخزوم، ومن بني أسد.
ومن الأمثلة على كراهية قريش لبني هاشم، أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة. كان من أصحاب النبي (ص)، وأبوه وأخوه وعمومته كانوا أركان جيش الشرك الذي قاتل المسلمين في بدر، وقد شاهد أبو حذيفة أباه وعمه وسادات بني أمية يتجرعون كؤوس الموت أمام عينيه...
، لقد عبر أبو حذيفة عن حقيقة هذه المشاعر بحركة عفوية ولا شعورية، لقد طلب النبي (ص) من أصحابه أن لا يتعرضوا لأحد من بني هاشم، لأنهم أكرهوا على الخروج مع المشركين، فقال أبو حذيفة: نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس عم النبي!! - لما أبلى بلاء حسنا في بدر - والله لئن لقيته لألحمنه السيف (5).
ومثل حذيفة حذيفات كثيرون، والفرق بين أبي حذيفة وغيره، أن أبا حذيفة صادق وعفوي، ولا يجيد المراوغة والمكر، ولا يخفى ما تهتف به مشاعره، وأما غيره فيتمتع بالقدرة على ضبط الأعصاب والمناورة، وإخفاء مشاعره رغبة أو رهبة، أضف إلى ذلك أن فكرة