9 - حنة (1).
كانت بطون قريش قد اتفقت في الجاهلية على صيغة سياسية اقتسمت بموجبها مناصب الشرف، وأجمعت على أن تكون السقاية والرفادة لهاشم (2).
عبد المطلب على دين إبراهيم في الجاهلية.
بعد موت هاشم ساد ابنه عبد المطلب على قومه، وكان يدعى شيبة الحمد، لكثرة حمد الناس له، ويقال له الفياض لجوده، وهو يطعم طير السماء، وكان يرفع مائدة للطير، ومائدة للوحوش على رؤوس الجبال، وهو حليم قريش وحكيمها، وكان سيدا، مطاعا (3).
تتابعت على قريش سنون عجاف، وبناء على اقتراح رقية بنت أبي صيفي بن هاشم، خرج عبد المطلب وجميع ولده، وخرج معه من كل بطن من بطون قريش رجل، فتطهروا وتطيبوا، واستلموا الركن ثم راحوا إلى رأس أبي قيس، وتقدم عبد المطلب فاستسقى، وأمن ومن معه خلفه والنبي (ص) معهم، فقال عبد المطلب: اللهم هؤلاء عبيدك وبنو عبيدك وإماؤك وبنات إمائك، فقد نزل بنا ما ترى، وتتابعت علينا السنون، فذهبت بالظلف والخف، وأشفت على الأنفس، فأذهب عنا هذا الجدب، وآتنا بالحيا والخصب. فما برحوا مكانهم حتى سالت الأودية. وبذلك تقول رقية بنت أبي صيفي:.
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا * وقد فقد الحيا واجلوز المطر (4).
كان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيات الأمور، وكان يقول: لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم الله منه، وتصيبه عقوبة،... إن وراء هذه الدار دار يجزى فيها المحسن باحسانه ويعاقب فيها المسئ بإساءته، و] إن عبد المطلب [رفض عبادة الأوثان، ووحد الله سبحانه وتعالى (5). ومن سننه في الجاهلية الوفاء بالنذر، ومنع نكاح المحارم وقطع يد السارق، والنهي عن قتل الموؤودة، وتحريم الخمر والزنا، وأن لا يطوف في البيت عريان، وكان يكرم الجار، ويرعى الذمام. فقد قاطع حرب بن أمية لأنه قتل جاره اليهودي، وترك منادمة حرب، ولم يفارقه حتى أخذ منه مئة ناقة، دفعها لابن عم اليهودي حفظا لجاره (6). وكان له أمر السقاية