وهنا عدة أدلة يمكن ذكرها لإثبات مشروعية حركة المختار الثقفي وهي:
الدليل الأول - النص الصادر من الإمام السجاد (ع):.
كان الإمام السجاد (ع) يعيش ظرفا سياسيا خاصا، دعاه إلى أن يسلك نهجا محددا في العمل السياسي، يتجنب فيه الممارسات السياسية المباشرة ضد النظام، فلا نتوقع أن نعثر على نص صادر منه يدعو مريديه إلى الالتحاق بقوات المختار في الكوفة، لأن ذلك مخالف لأسلوبه في العمل، إنما ينبغي أن نبحث عن نص يؤيد عمل المختار، ويمدحه في حدود خاصة، وهذا النص قد صدر من الإمام السجاد (ع)، وذلك بعد أن أرسل إليه المختار رأسي ابن زياد وابن سعد، حيث قال (ع):.
الحمد لله الذي أدرك لي ثاري من أعدائي، وجزى الله المختار (1).
هذا الكلام يشهد بأن عمل المختار وقع مرضيا عنه من قبل الإمام (ع)، ولا يقال بأن مدح الإمام (ع) في حدود قتل ابن زياد، وابن سعد فحسب: وذلك لأن المختار إنما سعى في ثورته إلى تتبع قتلة الحسين (ع) والذين شاركوا في صنع تلك الفاجعة، كافة، فلا يمكن القول أن قتل شمر بن ذي الجوشن أو حرملة بن كاهل أو غيرهما، من الذين لم يبعث المختار برؤوسهم إلى المدينة، لم يقع مرضيا عنه من قبل الإمام السجاد (ع)، كما أن المختار سعى في مواجهة الحكم الأموي، لأنه هو المدبر الرئيس لفاجعة كربلاء، فلا محالة تكون مشمولة برضا الامام ومدحه للمختار.
الدليل الثاني - وهو النص الصادر من الإمام الباقر (ع):.
حيث ورد في الحديث، عن عبد الله بن شريك:
قال: دخلنا على أبي جعفر (ع) يوم النحر وهو متكئ، وقد أرسل إلى الحلاق، فقعدت بين يديه إذ دخل عليه شيخ من أهل الكوفة فتناول يده ليقبلها فمنعه، ثم قال: من أنت؟
قال: أنا أبو الحكم بن المختار بن أبي عبيد الثقفي، وكان متباعدا من أبي جعفر (ع) فمد يده إليه حتى كاد يقعده في حجره بعد منعه يده، ثم قال: أصلحك الله إن الناس قد أكثروا في أبي وقالوا والقول والله قولك.
قال (ع): أي شئ يقولون؟
قال: يقولون كذاب، ولا تأمرني بشئ إلا قبلته.
فقال (ع): سبحان الله، أخبرني أبي والله، أن مهر أمي كان مما بعث به المختار، أولم يبن دورنا، وقتل قاتلنا، وطلب بدمائنا؟ فرحمه الله، وأخبرني والله أبي، أنه كان ليمر عند فاطمة بنت علي يمهدها الفراش، ويثني لها الوسائد، ومنها أصاب الحديث، رحم الله أباك، ما ترك لنا حقا عند أحد إلا طلبه، قتل قتلتنا وطلب بدمائنا (2).
وهذه الرواية تدل بوضوح على مدح المختار، وعلى سلامة أهدافه التي رفعها.
وإلى جانب تلك النصوص التي تدل على مشروعية ثورة المختار، توجد ثمة مؤيدات عامة يمكن إضافتها إلى تلك النصوص الصريحة في دلالتها وهي: