رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٤٣
عبد الملك بن مروان وحاول أن يعطيه انطباعه عن الامام، بوصفه إنسانا عابدا زاهدا، فقال لعبد الملك: ليس علي بن الحسين (ع) حيث تظن، إنه مشغول بنفسه، فقال: حبذا شغل مثله فنعم ما شغل به (1).
ويقصد بذلك الشغل كثرة العبادة.
ولكن مع ذلك كان الحاكم الأموي لا يطمئن بحركات الإمام (ع)، ولذلك كان يستدعيه بين فترة وأخرى للتأكد من ذلك، كان عبد الملك يحثه على المجئ إليه إلى الشام والاتصال به، كما هو الحال بالنسبة إلى الشخصيات المشهورة في المدينة! ففي ذات مرة قال عقيب الطواف حول الكعبة:.
يا علي بن الحسين، إني لست قاتل أبيك، فما يمنعك من المصير إلي؟.
فقال علي بن الحسين (ع): إن قاتل أبي أفسد بما فعله دنياه عليه، وأفسد أبي عليه بذلك آخرته، فإن أحببت أن تكون كهو فكن. فقال: كلا، ولكن صر إلينا لتنال من دنيانا (2).
فرفض الإمام (ع) هذا الاقتراح، وكشف له أنه لا يحتاج إلى دنيا عبد الملك، فما أعطاه الله له خير من عطيته التي يريد أن يعطيها إلى الإمام (ع).
ثالثا: مراقبة الإمام (ع):.
كان الحاكم الأموي يخشى من تحركات الإمام السجاد (ع) ونشاطاته واتصالاته مع أهل الكوفة، لذلك وضع جاسوسا عليه (ع)، ينقل إليه جميع أعماله وأقواله ونشاطاته، فكانت تصل إلى عبد الملك تقارير مفصلة عن جميع نشاطات الإمام (ع) وأعماله، سواء منها الشخصية أو الاجتماعية أو العبادية، حتى أن هذا الجاسوس كتب إليه ذات مرة.
إن علي بن الحسين (ع) أعتق جارية ثم تزوجها! (3).
وكان عبد الملك يحلل جميع هذه المعلومات، ويحاول أن يستفيد منها في صراعه غير المعلن مع الإمام السجاد (ع)، وإلى جانب جواسيس عبد الملك الذين يراقبون الإمام (ع):
وضع عبد الله بن الزبير عيونا لمراقبة الإمام (ع) ومتابعة حركاته، وبشكل خاص صلاته وعلاقاته مع أهل الكوفة، حيث كان يعتقد أن ثمة صلة سياسية بين الإمام (ع) وبين شيعته في الكوفة.
رابعا: قتل مواليه وأنصاره:.
وإلى جنب سياسة الضغط على الإمام (ع)، ومراقبة نشاطاته وتهديده بالقتل، فإن النظام الأموي نشط في التصفيات الدموية في صفوف قواعد الإمام (ع) ومريديه: حيث كان الحجاج في العراق يقتل من ثبت ولاؤه لأهل البيت (ع)، كل ذلك لحرمان الإمام (ع) من الامتداد الشعبي الضروري لممارساته السياسية والاجتماعية والفكرية.
خامسا: الطعن بشخصية الإمام (ع):.
لقد سعى الحكام الأمويون لإضعاف هيبة الامام بين الناس: من خلال تفسير سلوكه (ع)

1 - البحار ج 46 ص 123.
2 - البحار ج 46 ص 121.
3 - البحار ج 46 ص 164.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»