رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ١٣٨
السلطة الحاكمة، حيث تسنى له عامل آخر للمضي في نشر علوم آل محمد (ص) واستقطاب الناس.
العامل الثاني: التجاوب النفسي مع أهل البيت (ع) من قبل قطاعات واسعة من الأمة، لا سيما في الولايات والمدن الاسلامية التي تتمتع بأهمية وتأثير في الوجود الاسلامي، مثل مكة المكرمة والمدينة المنورة والكوفة والبصرة، وحتى الشام، و ذلك لشعور عام وعارم لدى الناس بمظلومية أهل البيت (ع)، وقد أفادت مظاهر التعاطف مع أهل البيت (ع) الإمام كثيرا.
موقف الإمام السجاد (ع) من محمد بن الحنفية:.
لقد اشتدت الضغوط على الإمام السجاد (ع) من قبل النظام الأموي، حيث أخذ يراقب تحركاته، ونشاطاته، بل حتى عبد الله بن الزبير كان يراقب تحركات الإمام زين العابدين (ع)، وينظر بعين الخوف إلى علاقاته مع شيعته ومريديه، لعله يظفر بشاهد على نشاطه السياسي، ونتيجة لخوف الحكم الأموي من تحركات الإمام السجاد (ع): اقترح الحجاج على عبد الملك قتل الإمام (ع)، للتخلص منه، حيث كتب الحجاج لعبد الملك تعبيرا عن شعوره بوجود علاقة بين الإمام السجاد (ع) وبين حركات الرفض للبيت الأموي:
إن أردت أن يثبت ملكك، فاقتل علي بن الحسين (ع) (1).
وهكذا وجد الإمام السجاد (ع) نفسه مطوقا من قبل ولاة الحكم الأموي في المدينة، ومن قبل حركة ابن الزبير في مكة، ومن قبل الأجواء العامة التي عاشتها الساحة الاسلامية عقيب شهادة الإمام الحسين (ع).
كل هذه الحوادث استدعت أن ينعزل الامام فترة عنها، وينصرف خارج المدينة في خيمة يتأمل في أوضاع الأمة، وما سوف تأتي من أمور.
وحيث أن شيعة أهل البيت (ع) يحتاجون إلى بيان المواقف المرتبطة بالأمور الشخصية، والقضايا العامة التي تصدر من الإمام (ع)، لتحديد مسؤولياتهم الشرعية تجاه الحوادث، فإن محمد بن علي بن أبي طالب تصدى لهذه المهمة، فلابد من معرفة هل أن الإمام السجاد (ع) يكمن خلف نشاط محمد بن الحنيفة؟ أم أن تلك النشاطات جاءت بمبادرة شخصية من قبله؟ فسوف يكون بين أيدينا موقف مهم للإمام (ع).
موقف الإمام السجاد (ع) من محمد بن الحنفية:.
ليس ثمة شك في أن محمد بن الحنفية قد تصدى لبعض الأمور، وكان يشكل قطبا أساسيا من أقطاب الهاشميين تجاه الخطوط الأخرى، إلى حد أن بعضا ادعى إمامته (2)، وقد وردت رواية صحيحة السند (3)، لابد من نقلها، ثم نسجل الاحتمالات والوجوه التي يمكن أن تذكر

١ - البحار ج ٤٦ ص ٢٨.
٢ - يراجع فرق الشيعة ص ٢٦ و ٢٧.
٣ - رواها الكافي في ج ١ ص ٣٤٨ عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر (ع)، وهذا السند صحيح، ويوجد سند آخر للرواية نقله الكافي في ذيل الرواية وهو: علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر مثله، وهذا السند صحيح، ورواها الاحتجاج في ج ٢ ص ٣١٦ مرسلا، ويرويها بصائر الدرجات بسندين صحيحين عن الصادق وعن الباقر (ع) في ص 522 - يختلفان بعض الشئ عن سند الكافي في أول السند، فالرواية صحيحة.
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»