يقول المسعودي: وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب، وكان له قرد يكنى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته ويطرح له متكأ، وكان قردا خبيثا، وكان يحمله على أتان وخشبة قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة، فجاء في بعض الأيام سابقا، فتناول القصبة ودخل الحجرة قبل الخيل، وعلى أبي قيس قباء من الحرير الأحمر والأصفر مشمر، وعلى رأسه قلنسوة من الحرير ذات ألوان بشقائق، وعلى الأتان سرج من الحرير الأحمر منقوش ملمع بأنواع من الألوان (1).
نماذج من شعارات الإمام الحسين: قبيل ثورته (ع).
ولم ينته الموقف إلى هذا الحد، حيث بدأت الحملة تشتد على أهل البيت (ع)، وعلى أتباعهم ومواليهم أيضا، فقد جاء في نص رسالة الإمام (ع):
لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا مفسدا ولا ظالما: وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (ص)، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي و أبي (2).... ويزيد رجل فاسق شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله (3).... وأنا أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه (ص)، فإن السنة قد أميتت، والبدعة قد أحييت، فإن تسمعوا قولي، أهدكم إلى سبيل الرشاد (4).
أيها الناس، إن رسول الله (ص) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله (ص)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله: ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا عبادة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، و استأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله (5).
كان القرآن الكريم يؤكد أمرا لابد منه، وهو اتباع سنة الرسول (ص) الشاملة لقوله و عمله ورضاه، والولاء المطلق للخلفاء الراشدين الهادين، الذين نص عليهم الرسول (ص) بأسمائهم، المطهرين من الرجس، عدول القرآن الكريم.
ولما لم يكن في صريح القرآن كل التعاليم التي تغطي حاجة المؤمنين، فكان لابد من إحالتها إلى الاقتباس من سنة الرسول (ص) وأهل بيته الأطهار، أوصيائه وخلفائه، و كان لابد للرسول (ص) من التأكيد على هذا الأمر بالنسبة إلى خلفائه الحقيقيين، طالما لم يتفقه أغلب المسلمين بجميع أبعاد الرسالة، لقصر فترة حياته (ص)، فقد ورث النبي (ص) علمه كله خلفاءه الذين نص عليهم، وأكد على الرجوع إليهم في كل شاردة وواردة حول الكتاب