خلالها إلى صراط الله المستقيم ورسالته الخاتمة، ولقد كان لتلك المدرسة دور فعال في بلورة الذهنية العامة وإنقاذها من الانحراف والدسائس التي قادها معاوية و أذنابه، لإفراغ الدين الإسلامي عن محتواه، وقد آتت مدرسة الإمام (ع) أكلها ضعفين، حين تخرج في أروقتها جهابذة العلماء والرواة، أمثال الحسن المثنى، والمسيب بن نجبة الفزاري، وسويد بن غفلة، والشعبي، والأصبغ بن نباته وأبي يحيى النخعي وغيرهم، و قد صار بمقدور الإمام الحسن ورجال الفكر الإسلامي الذين تخرجوا في مدرسته، أن يوجدوا أمة واعية سياسيا، ومعارضة للحكم الأموي البغيض.
ومما جاء في حديث حاشية معاوية له: إن الحسن قد أحيا أباه وذكره، قال فصدق، وأمر فأطيع، ولا يزال يبلغنا عنه ما يسئ إلينا (1).
وهذا الحديث على وجازته، يعتبر أخطر تقرير يقدم أقطاب البيت الأموي وقادته إلى ولي نعمتهم معاوية حول نشاط الإمام الحسن (ع)، فقولهم: خفقت النعال خلفه، لهو أصدق وأدق تعبير على أن الإمام (ع) قد أعد أمة من الناس، يسيرون خلفه ويجتمعون به، و يوضح لهم معالم الطريق القويم، وحقيقة الإسلام.
وكان آخر جرائم معاوية بحق الإمام الحسن (ع)، أن دس السم إليه من خلال زوجته جعدة بنت الأشعث، وأوصى الإمام الحسن (ع) وهو في مرضه الذي مات فيه، أن يدفن إلى جوار قبر جده رسول الله (ص)، إلا أن بني أمية ووالي المدينة منعوا من ذلك!! (2).
فاضطر أهل البيت (ع) أن يدفنوه في البقيع، إلى جنب أمه فاطمة الزهراء (ع).
وكانت شهادته (ع) في السابع من صفر أو الخامس والعشرين من ربيع الأول سنة خمسين للهجرة، كما جاء في بعض الروايات. وهكذا رحل الامام السبط (ع) إلى ربه وهو في ميدان من ميادين الجهاد، من أجل الرسالة والدعوة المحمدية.
الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع).
ولادته وحياته.
بعد حول من ميلاد الحسن السبط (ع)، وفي اليوم الثالث من شهر شعبان المبارك، للسنة الرابعة من الهجرة، زفت البشرى إلى الرسول (ص) بميلاد الحسين (ع)، فأسرع إلى دار علي والزهراء (ع) فقال لأسماء بنت عميس:.
يا أسماء هاتي ابني فحملته إليه، وقد لف في خرقة بيضاء، فاستبشر (ص) وضمه إليه و أذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثم وضعه في حجره، وبكى، فقالت أسماء: فداك أبي وأمي مم بكاؤك؟ قال (ص): من ابني هذا، قالت: إنه ولد الساعة، قال ص: يا أسماء، تقتله