مفاجئا أن يتحول هؤلاء الذين عرفوا بالاشراف فيما بعد إلى مطية للنظام الأموي يقاتلون في صفوفه، نفس الحزب الذي كانوا من أركانه أيام علي والحسن.
فالحسن إذا لم يساوره أدنى تردد أو تخاذل في موقفه من الحرب مع معاوية، ولكنه كان شديد الحذر من جماعته، غير واثق من ولائهم واقتناعهم بفكرة الحرب. ولا بد لنا هنا من أن نتصور أية مهمة مستحيلة كانت بانتظار الحسن ليخوضها بجيش مفكك العناصر، مضطرب الولاء، موزع الانتماءات قبليا وعشائريا.
بهذه التركيبة العجيبة من المقاتلين التي لم يدخلها سوى قلة مؤمنة ومخلصة، سار الحسن لقتال الجيش الشامي القوي والانضباطي - الذي وصف معاوية عناصره يوما بأنهم أطوع جند وأقلهم خلافا (1). وهو يدرك جيدا ان المتاعب لن تأتيه من أعدائه فقط، بل من الانتهازيين داخل جيشه أيضا الذين يظهرون غير ما يسرون (2)، فكان ذلك يزيد من شجونه ويزيد الأمور تعقيدا.