التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٣٩
عليه بعدما رأوا ميل الغالبية العظمى اليه. ولكن تردده زال أمام اصرار الثوار على بيعته وربما لشعوره بأن التهرب من الحكم في مثل هذه الظروف خيانة للأمة، وللعقيدة، فقد كانت فترة حاسمة في تاريخ الاسلام، فترة في أشد الحاجة إلى رجل قوي كعلي، ارتبط تاريخيا بالاسلام منذ ظهوره. وثمة شئ آخر هو ان عليا كان السياسي الذي يحظى بتأييد الغالبية في المدينة والزعيم الذي يمكن ان يتفق عليه بقية الزعماء.
اجتازت الأزمة بعض خطورتها بتولية علي مهام الخلافة، ولكن الأمور في عهد الخليفة الجديد سارت في اتجاه أكثر تعقيدا وأخذت الاحداث تتلاحق بصورة عجيبة. فقد كان هناك أكثر من عائق يعترض هذا الخليفة ويمنعه من القيام بمهماته لا سيما في مجال التغييرات التي كان لا بد من اجرائها لإزالة رواسب الحكم السابق. فقد كان عليه أن يوجد حلا لجميع المشاكل التي أثيرت في عهد عثمان وأدت إلى مقتله.. وهذا معناه الاصطدام بعدد من كبار الصحابة ورجالات الاسلام الذين أصابوا حدا بعيدا من الثراء زمن الخليفة السابق، ومن الطبيعي أن تتعارض مصالحهم مع الخليفة الجديد المعروف عنه المثالية وشدة التصلب في الرأي.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»