التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٤٤
منها تدعيم المعنويات واكتساب أكبر عدد ممكن من عناصر الجيش الآخر. وكان سير المعارك الأولى يتجه لصالح العراقيين الذين أصبحوا على وشك الانتصار إلى أن جابهتهم المصاحف مرفوعة على أسنة الرماح، وطرح شعار التحكيم للنظر في مسألة الخلاف بين الطرفين. فاستجاب علي وهو مكره (1)، وتوقف القتال بعد جدل عنيف بين كبار قواده. وكان التحكيم مسرحية لتمييع الموقف أخرجها عمرو بن العاص أحد كبار البارزين في معسكر معاوية. والحق ان استعدادات معاوية لم تتم في الاطار العسكري فقط، وانما في الاطار السياسي أيضا حيث أحاط نفسه بمجموعة من الرجالات الذين عرف عنهم الدهاء والبراعة في تغيير المواقف، ومن هؤلاء عمرو بن العاص الذي انضم إلى معاوية بعد مساومات طويلة جرت بين الرجلين (2).
وأرغم علي على القبول تحت ضغط الأكثرية في صفوف جيشه التي كان يعوزها الانضباط وتفتقر إلى روح الحماسة، فالجبهة العراقية كانت غير متماسكة وتتفجر بالتناقضات بينما كان الامر على عكس ذلك في الجبهة

(1) Perier Vie Dal - Hadjajadj ibn yousof, P 12 (2) الطبري: 5 / 232
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 48 49 50 ... » »»