التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ٤٣
محاربتها في الشام حيث معاوية العامل القوي والولاية المنضبطة والجيش المنظم.
فبعد فراغه من موقعة الجمل وجه علي من مركزه الجديد في الكوفة، الدعوة إلى معاوية لمبايعته واعلان الولاء له مع التهديد بأنه سيلجأ إلى قتاله إذا ما استمر في مخالفته والخروج على ارادته (1). ولكن هذه الدعوة كما توقع الخليفة نفسه ومعه كبار معاونيه (2) اصطدمت بتصلب من معاوية واصرار منه على تسليم المسؤولين عن مقتل عثمان.
ولم يكن هذا الاصرار سوى تبريرا لخروجه على الطاعة واخفاء لما يخطط له من وراء هذه الحملة، وهو منطق كان من الطبيعي أن يرفضه علي أو أي حاكم آخر، فهو الخليفة والمسؤول الأول، واليه يرجع المتخاصمون فيحكم ما بينهم.
وبدأت الحرب أخيرا في صيف 36 هجري / 657 م وكان سهل صفين، المدينة الفراتية القديمة مسرحا لها، وقد شهدت عدة معارك طاحنة كان يرافقها حملات دعائية مركزة من الطرفين فضلا عن الحرب النفسية التي كان الهدف

(1) الطبري: 5 / 215.
(2) ابن الأثير: 3 / 140.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 48 49 ... » »»