التوابون - الدكتور إبراهيم بيضون - الصفحة ١٥٥
عميق عند القائد العام عبيد الله بن زياد وأفقدته السيطرة على أعصابه، حين صب جام غضبه وقذف بشتائمه أحد قواده (شرحبيل بن ذي الكلاع) متهما إياه بالتخاذل والتقصير (1).
واستؤنف القتال الضاري في اليوم الثاني. وكان وضع الجيش الأموي قد أصبح أكثر تعزيزا، بحيث ان التوازن العسكري اختل إلى حد كبير وانعدم التكافؤ بين القوتين المتحاربتين بشكل ظاهر. غير أن الروح النضالية المغامرة التي تميزت بها أعمال التوابين، وذلك التسابق الجموح نحو الاستشهاد، نسف كل قواعد التوازن. فقد كان صمودهم بطوليا ورائعا طوال يوم مثير، أثخن فيه الفريقان قتلا وجراحا (2)، ولم تكن نتيجته على ما يبدو حاسمة لاي منهما، حتى كان اليوم الثالث (3) وهو الأكثر إثارة في معارك (عين الوردة) حين أطبق الجيش الأموي بكل إمكانياته على التوابين الذين أصبحوا في قلة قليلة بعد أن أفقدتهم اشتباكات اليوم السابق جزءا كبيرا من مقاتليهم. وقد وجدوا أنفسهم في هذا اليوم محاطين من كل جانب بقوات مكثفة من أعدائهم، انقضت عليهم

(1) الطبري: 7 / 76.
(2) الطبري: 7 / 76.
(3) المسعودي: مروج الذهب 3 / 94.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»