الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٨٢
نسميها الزلازل انها لا تزال كلمة رهيبة في حياة الانسان المعاصر، رغم تقدم العلوم والتكنولوجيا، كما كانت رهيبة في حياة الانسان القديم. هذه الزلازل هي حملة الطبيعة ضد الانسان، الذي لا يملك إزاءها شيئا، فالخيار كله في يد الفريق الأول. ان الانسان لا يملك شيئا يقاوم به الزلازل، فهي نذير يذكره دائما بأنه يعيش فوق مادة حمراء ملتهبة جهنمية، لا يفصله عنها سوى قشرة جبلية رقيقة، لا يزيد سمكها عن خمسين كيلو مترا، وهذه القشرة ليست، بالنسبة إلى الكرة الأرضية، الا بمثابة القشرة من ثمرة التفاح.
يقول عالم الجغرافيا (جورج جاموف): ان هناك جهنم طبيعية تلتهب تحت بحارنا الزرقاء، ومدننا الحضارية المكتظة بالسكان، وبكلمة أخرى: نحن واقفون على ظهر لغم ديناميت عظيم، ومن الممكن ان ينفجر في أي وقت، ليدمر النظام الأرضي بأكمله (1).
وهذه الزلازل تجتاح جميع نواحي الأرض، ولا تخلو الجرائد أي صباح من أخبارها، ولكن يكثر وقوعها في الأماكن التي توجد بها البراكين لاعتبارات جغرافية. وأقدم زلزال رهيب سجله التاريخ هو زلزال إقليم (شنسي) الصيني، الذي وقع عام 1556 م. ولقي أكثر من 000000، 8 نسمة مصرعهم في هذه الكارثة. وقد وقع زلزال في لشبونة عاصمة البرتغال عام 1755 م، فدمر المدينة كلها، وأباد ثلاثين ألفا من الناس في ست دقائق. وقد قيل: إن هذا الزلزال هز ربع أوربا. ومن هذا النوع من الزلازل ما وقع في ولاية (آسام) الهندية عام 1897 م، وهو يعد من الزلازل الخمسة الكبرى في التاريخ، فقد أحدث دمارا وخرابا عظيمين في منطقة كبيرة من شمالي الهند، كما غير اتجاه النهر العملاق (برهام بوترا)، وطفرت هضبة (ايفرست) بجبال الهملايا، فارتفعت مائة قدم!.
ان هذه الزلازل (قيامة) على نطاق واسع... فعندما تنفجر الأرض بصوتها المخيف، ودويها الرهيب، وعندما تتساقط الجدران، وسقف الأبنية المسلحة الفخمة، حتى كأنها أوراق الكوتشينة، وعندما يصبح أعلى الأرض أسفلها، وأسفلها أعلاها، وعندما تحل الخرائب الموحشة محل المدن العامرة الكبرى في ثوان معدودة، وعندما تسير طوابير النعوش، وتتراكم على ساحات المدن وطرقها تراكم الأسماك على ساحل البحر؟ فتلكم هي قيامة الزلزال.
وفي تلك اللحظة يشعر الانسان بعجزه أمام قوى الطبيعة، فان الزلازل لا تقرع أبواب المدن الا بغتة، دون سابق آذن أو إنذار، والبلية كل البلية في أن الانسان لا يستطيع أن يتنبأ بمكان الزلازل، ولا بموعد وقوعها، وهي في نفسها تنبئ عن قيامة كبرى، سوف تفجؤونا غداة يوم على غرة منا، ان هذه الزلازل دليل ناطق بأن خالق الأرض قادر على تدميرها، كما يشاء.

(1) Biography of the Earth, p. 62.
(٨٢)
مفاتيح البحث: الهند (1)، السلاح (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»