الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٨٠
ذريعا، وكلما بحثوا في هذا الموضوع، رجع إليهم بحثهم برسالة جديدة عن حتمية الموت، وأنه لا مناص منه.
لماذا الموت؟.. هناك ما يقرب من مائتي إجابة عن هذا السؤال الخطير، الذي كثيرا ما يطرح في المجالس العلمية، منها:
(فقدان الجسم لفاعليته)، (انتهاء عملية الأجزاء التركيبية)، (تجمد الأنسجة العصبية)، (حلول المواد الزلالية القليلة الحركة، محل الكثيرة الحركة منها)، (ضعف الأنسجة الرابطة)، (انتشار سموم بكتريا الأمعاء في الجسم).. وما إلى ذلك من الإجابات التي تتردد كثيرا حول ظاهرة الموت.
ان القول بفقدان الجسم لفاعليته جذاب للعقل.. فان الآلات الحديدية والأحذية والأقمشة كلها تفقد فاعليتها بعد أجل محدود، فأجسامنا أيضا تبلى وتفقد فاعليتها كالجلود التي نلبسها في موسم الشتاء. ولكن العلم الحديث لا يؤيدنا، لأن المشاهدة العلمية للجسم الانساني تؤكد: أنه ليس كالجلود الحيوانية، والآلات الحديدية، وليس كالجبال.. وأن أقرب شئ يمكن تشبيهه به هو ذلك (النهر) الذي لا يزال يجري منذ آلاف السنين على ظهر الأرض فمن ذا الذي يستطيع القول بأن النهر الجاري يبلى ويهن ويعجز؟!
بناء على هذا الأساس يعتقد الدكتور لنس بالنج (1) أن الانسان أبدى، إلى حد كبير، نظريا، فان خلايا جسمه آلات تقوم باصلاح ما فيه من الأمراض ومعالجتها تلقائيا! وبرغم ذلك فان الانسان يعجز ويموت، ولا تزال علل هذه الظاهرة أسرارا تحير العلماء.
ان جسمنا هذا في تجدد دائم، وان المواد الأزلية، التي توجد في خلايا دمائنا، تتلف كذلك ثم تتجدد، ومثلها جميع خلايا الجسم، تموت وتحل مكانها خلايا جديدة، اللهم الا الخلايا العصبية. وتفيد البحوث العلمية أن دم الانسان يتجدد تجددا كليا خلال ما يقرب من أربع سنين، كما تتغير جميع ذرات الجسم الانساني في بضع سنين. ونخرج من هذا بأن الجسم الانساني ليس كهيكل، وأنما هو كالنهر الجاري، أي أنه عمل مستمر.
ومن ثم تبطل جميع النظريات القائلة بأن علة الموت هي وهن الجسم وفقده لقوته، فان الأشياء التي فسدت أو تسممت من الجسم أيام الطفولة أو الشباب قد خرجت من الجسم منذ زمن طويل، ولا معنى لأن نجعلها سبب الموت، فسبب الموت موجود في مكان آخر، وليس في الأمعاء والأنسجة البدنية والقلب.

(1) وهو حائز على جائزة نوبل للعلوم.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»