الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٨٥
السابق، الذي وجد منذ عشرات السنين، ولكنه لا يحس بأن شيئا من أعضائه قد تغير، ابتداء من أظافر رجليه حتى شعر رأسه.
ولو كان الانسان يفنى بفناء الجسم، لكان لازما أن يتأثر على الأقل بفناء الخلايا وتغيرها الكامل، ولكننا نعرف جيدا أن هذا لا يحدث، وهذا الواقع يؤكد أن الانسان أو الحياة الانسانية شئ آخر غير الجسم، وهي باقية رغم تغير الجسم وفنائه، وهو كنهر مستمر فيه سفر الخلايا بصفة دائمة! وهذا هو الأمر الذي دعا عالما أن يصف الانسان:
بشيء مستقل بذاته، وباق غير متغير، رغم التغيرات المتسلسلة. فهو يعتقد:
أن الشخصية هي عدم التغير في عالم التغيرات؟
Personality is Changelessness in Change ولو كان الموت فناء للانسان، فمن الممكن ان نقول؟ بعد كل مرحلة من مراحل حدوث هذا التغير الكيماوي الذي يجري في الجسم؟ ان الانسان قد مات، وانه يعيش حياة أخرى جديدة بعد موته! ومعناه أن الرجل الذي أراه في الخمسين من عمره، وهو يمشي في الشارع على رجليه، قد مات خمس مرات في هذه الحياة القصيرة، فإذا لم يمت هذا الانسان بعد فناء أجزاء جسمه المادية خمس مرات، فكيف أستطيع أن أعتقد بأنه مات في المرة السادسة على وجه اليقين؟ ولا سبيل له الآن إلى الحياة؟.
ان بعض الناس لن يسلموا بهذا الاستدلال، وسيقولون: ان العقل، أو الوجود الداخلي الذي نسميه انسانا، ليس بشيء آخر، ولم يوجد الا نتيجة علاقة الجسم بالعالم الخارجي، وان الأفكار والأماني لا توجد خلال العمل المادي الا كالحرارة التي توجد نتيجة احتكاك قطعتين من حديد!.
ان الفلسفة الحديثة تنكر (الروح) بشدة، ويعتقد السير جيمز: ان الشعور لا يوجد كوحدة Entity، وانما هو وظيفة Function، وتفاعل وتنسيق Process وقد أصر الكثيرون من فلاسفتنا المحدثين على أن (الشعور) في ذاته ليس إلا التفاعل والرد العصبي لما يحدث من حركة ونشاط في العالم الخارجي. وبناء على هذه النظرية لا مجال للتساؤل عن امكان الحياة بعد الموت، نظرا لتحلل النظام الجسماني، ولأن المركز العصبي في الجسم لم يعد له وجود، وهو الذي كان يتفاعل وينسق مع العالم الخارجي، وهم يعتقدون بناءا على هذا أن نظرية الحياة بعد الموت أصبحت غير ذات أساس عقلي أو واقعي.
سوف أقول: انه لو كانت هذه هي حقيقة الانسان، فلنجرب أن نخلق انسانا حيا ذا شعور، ونحن؟ اليوم؟ نعرف بكل وضوح جميع العناصر التي يتألف منها جسم الانسان، وهذه العناصر توجد في الأرض وفي الفضاء الخارجي، بحيث يمكننا الحصول عليها، وقد علمنا دقائق بناء النظام الجسماني، وعرفنا هيكله وأنسجته، ولدينا فنانون
(٨٥)
مفاتيح البحث: الموت (7)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»