الباب الخامس: دليل الآخرة من أهم الحقائق التي يدعونا الدين إلى الايمان بها: فكرة الآخرة. والمراد بها: أن هناك عالما آخر غير عالمنا الحاضر، وسوف نعيش في ذلك العالم خالدين، وأن عالمنا هذا هو مكان للاختبار والابتلاء، وجد فيه الانسان لأجل معلوم، وأن الله سوف ينهي هذا العالم حين يحين أجله، لبناء العالم الآخر، على طراز جديد وأن الناس سوف يبعثون مرة أخرى، وسوف تعرض أعمالهم؟ خيرا أو شرا؟ على محكمة الله، الذي يجزي كل انسان بما عمل في الحياة الدنيا.
أهذه النظرية صحيحة؟ أم باطلة؟ وهل هناك امكان لهذه الآخرة؟ سوف نعرض هنا بعض جوانب القضية.
* * * أولا: امكان الآخرة ليكن الجانب الأول من هذا العرض، هو البحث عن امكان وقوع الآخرة. فهل هنالك وقائع وإشارات تصدق هذه الدعوى؟.
ان فكرة (الآخرة) تقتضي؟ أول ما تقتضي؟ ألا يكون الانسان والكون، في شكلهما الحالي أبديين، وقد علمنا في الصفحات الماضية؟ بما لا يدع مجالا للشك؟ أن أبدية الكون والانسان مستحيلة، وأيقنا، يقينا لا يتزعزع، بأن الانسان يموت، وأن الكون سينتهي طبقا لقانون الطاقة المتاحة. ولست أدري إذا ما كان هنا طريق للنجاة من هذه النهاية المروعة.
* * * أ؟ مسألة الموت:
ان الذين لا يؤمنون بالعالم الثاني؟ الآخرة؟ يحاولون بدافع الغريزة أن يجعلوا من هذا الكون عالما أبديا لأفراحهم، ولذلك بحثوا كثيرا عن أسباب الموت، حتى يتمكنوا من الحيلولة دون وقوع هذه الأسباب، من أجل تخليد الحياة، ولكنهم أخفقوا اخفاقا