الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٩١
ثالثا: الحاجة إلى الآخرة لقد بحثنا في الصفحات الماضية فيما إذا كان حدوث شئ من مثل الآخرة، التي يدعيها الدين، ممكنا؟ ولقد ثبت ما علمنا أن الآخرة ممكنة الحدوث.. والمسألة التي نقف أمامها الآن هي: البحث فيما إذا كن هذا العالم في حاجة؟ فعلا؟ إلى شئ من قبيل الآخرة؟ وهل يقتضي الكون؟ في هيكله الحالي؟ وقوعها؟؟.
* * * (1) الجانب النفسي:
لنتناول أولا (الجانب النفسي) من المسألة.
يقول البروفيسور (كنجهام) في كتابه: Plato ' s Apalogy: ان عقيدة الحياة بعد الموت لا أدرية مفرحة Cheerful Agnosticism، ومن الممكن اعتبار هذا القول خلاصة أفكار فلاسفتنا الملحدين المعاصرين، فهم يرون أن عقيدة الآخرة اخترعتها عقلية الانسان الباحثة عن عالم حر، مستقل عن حدود هذا العالم، ومشكلاته، مليء بالأفراح. وانما يدفعه إلى الايمان بهذه العقيدة أمله في الحصول على حياته المفضلة، التي لا جهد فيها ولا كدح.. وأن هذه العقيدة تنتهي بالإنسان إلى عالم مثالي وخيالي، حيث يحلم بأنه سوف يظفر به بعد الموت. ولكن الحقيقة؟ كما يراها الفلاسفة؟ أن لا وجود لشيء كهذا العالم الثاني في الأمر الواقع!.
وفي رأيي: أن هذا المطلب الانساني؟ في حد ذاته؟ دليل نفسي قوي على وجود عالم آخر، كالظمأ، فهو يدل على الماء، وعلى علاقة خاصة باطنة بين الماء وبين الانسان.
وهكذا فان تطلع الانسان؟ نفسيا؟ إلى عالم آخر دليل في ذاته على أن شيئا مثل ذلك موجود في الحقيقة، أو أنه؟ على الأقل؟ خليق أن يوجد. وهذا المطلب النفسي يؤكد علاقة مصيرنا بهذه الحقيقة، ويدلنا التاريخ على وجود هذه الغريزة الانسانية منذ أقدم العصور على مستوى انساني، وهو أمر لا أستطيع فهمه: كيف يمكن أن يؤثر أمر باطل على البشر في هذا الشكل الأبدي، وعلى مستوى انساني؟ وهذا الواقع نفسه يدلنا على قرينة قوية بامكان وجود العالم الآخر. وانكار هذه الحاجة النفسية، بدون أدلة، يعتبر جهلا وتعصبا.
ان الذين ينكرون حاجة نفسية عظيمة مثل هذه زاعمين أنها باطلة، هم من أعجز الناس حقا عن تفهم أي واقع على سطح الأرض بعد هذا.. ولو كانوا يزعمون الفهم في الواقع فلا أدري بأي دليل؟... وعن أي برهان؟.
ولو كانت هذه الأفكار نتاج المجتمع، كما يزعمون، فكيف لا تزال تطابق التفكير الانساني، بهذه الصورة المدهشة، من اقدم العصور؟ هل تجدون مثالا لأية أفكار انسانية
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»